سوق حُباشة يقع جغرافيًّا على الضفة الجنوبية لوادي قنونا في حداب الفرشة ، في العرضية التابعة لمحافظة القنفذة ، وثقافيًّا بين أندية الباحةوجدةومكة وأبها. لا أدري ما أسباب إهمال السوق على الخريطة السياحية والأثرية والثقافية رغم أنه أحد أشهر أسواق العرب في الجاهلية وصدر الإسلام ، وقد باع فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- واشترى حين كان تاجراً لصالح السيدة خديجة -رضي الله عنها- قبل البعثة النبوية؟ وسبب ذيوع السوق تاريخيًّا أنه يقع على طريق التجارة القديمة من اليمن إلى مكةالمكرمة ثم بلاد الشام ، وتمر به قوافل السبئيين التجارية ، وكتب عنه عدد من المؤرخين الأوائل مثل الأزرقي في كتابه أخبار مكة: (حُباشة سوق الأزد ، وهي ديار الأوصام من بارق من صدر قنونا وحلى من ناحية اليمن ، وهي من مكة على ست ليالٍ ، وهي آخر سوق خُربت من أسواق الجاهلية). أما ياقوت الحموي فقال : (حُباشة بالضم والشين معجمة ، وأصل الحُباشة الجماعة من الناس ليسوا من قبيلة واحدة ، وحبشت له حُباشة أي جمعت له شيئاً ، وأورد أبو عبيد البكري في معجمه) الحُباشة بضم أوله وبالشين المعجمة ، أيضاً على وزن فُعالة ، سوق للعرب بناحية مكة ، وهي أكبر أسواق تهامة ، كانت تقوم ثمانية أيام في السنة ، قال حكيم بن حزام : (رأيتُ الرسول صلى الله عليه وسلم يحضرها ، واشتريتُ بزا من بز تهامة). إذاً ، تاريخيًّا سوق حُباشة لا يقل شأناً ومكانة وشهرة عن سوق عكاظ ، بل يُعتبر صنواً له ، وكل سوق له مزاياه المكانية والزمانية ؛ حيث يُعقد سوق حُباشة في شهر رجب من كل عام ، ولمدة ثمانية أيام ، قال عنه الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي : لا بد أنها سوقٌ عظيمة ومتجر رابح ، يهبط إليها أخلاط شتى من مختلف القبائل التي ترتاده للمتاجرة وفداء الأسرى ، ومبادلتهم بأمثالهم ، والتقاضي في المنازعات ومختلف المنافع التجارية وغير التجارية ، كما وثَّقه المؤرخ حسن الفقيه في كتاب تحت عنوان حُباشة. ولما كان السوق بهذه الشهرة التاريخية فلِمَ لا يتم إعادة إحيائه؟ وذلك بتنظيم فعاليات ثقافية في المكان والزمان المحددَيْن ، بعد توثيق مكانه بكل دقة من أصحاب المعرفة ، وخصوصاً أن هناك تجربة ناجحة تحققت على أرض الواقع ، وهي إحياء سوق عكاظ ، الذي أصبح علامة ثقافية بارزة في المشهد الثقافي والاجتماعي والحضاري ، وحتى يُضاف رصيدٌ للسياحة والآثار في بلادنا ؛ ما يؤكد ثراء تاريخ هذا الوطن. مشكلة سوق حُباشة أنه يقع في منطقة الأطراف بين المناطق المشار إليها ، وهي الباحةومكة وعسير ، إلا أن ذلك لا يعفي أبداً مسؤولياتها في التنسيق بينها لإعادة وهج السوق ؛ ليصبح إضافة ثقافية وسياحية نحتاج إليهما.