تدشين مسار «لامة مدر» التاريخي بحائل بالشراكة بين البنك العربي الوطني و«درب»    مقتل 21 مسلحا ..وأردوغان يهدد أكراد سورية    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    الأمير عبد العزيز بن سعود يكرم مجموعة stc الممكن الرقمي لمعرض الصقور والصيد السعودي الدولي ومهرجان الملك عبدالعزيز للصقور    مساعد وزير التعليم يدشن في الأحساء المعرض التوعوي بالأمن السيبراني    استشهاد فلسطيني متأثراً بإصابته في قصف إسرائيلي شمال الضفة الغربية    تركي آل الشيخ يتصدر قائمة "سبورتس إليستريتد" لأكثر الشخصيات تأثيرًا في الملاكمة    بسبب سرب من الطيور..تحطم طائرة ركاب أذربيجانية يودي بحياة العشرات    ميدان الفروسية بحائل يقيم حفل سباقه الخامس للموسم الحالي    تدشين أول مدرسة حكومية متخصصة في التقنية بالسعودية    "التخصصي" يتوج بجائزة التميز العالمي في إدارة المشاريع في مجال التقنية    "سعود الطبية" تعقد ورشة عمل تدريبية عن التدريب الواعي    الشر الممنهج في السجون السورية    "رحلات الخير" تستضيف مرضى الزهايمر وأسرهم في جمعية ألزهايمر    عائلة عنايت تحتفل بزفاف نجلها عبدالله    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد اتفاقية تاريخية لمكافحة الجرائم الإلكترونية    الإحصاء: ارتفاع مساحة المحميات البرية والبحرية في المملكة لعام 2023    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    "الرأي" توقّع شراكة مجتمعية مع جمعية يُسر بمكة لدعم العمل التنموي    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائنًا مهددًا بالانقراض    رغم ارتفاع الاحتياطي.. الجنيه المصري يتراجع لمستويات غير مسبوقة    إيداع مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر ديسمبر    السعودية واليمن.. «الفوز ولا غيره»    إعلان استضافة السعودية «خليجي 27».. غداً    أخضر رفع الأثقال يواصل تألقه في البطولة الآسيوية    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    أهلا بالعالم في السعودية (3-2)    العمل الحر.. يعزِّز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    انخفاض معدلات الجريمة بالمملكة.. والثقة في الأمن 99.77 %    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    رئيس بلدية خميس مشيط: نقوم بصيانة ومعالجة أي ملاحظات على «جسر النعمان» بشكل فوري    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير تعليم الطائف ويدشن المتطوع الصغير    وافق على الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة.. مجلس الوزراء: تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    أمير الرياض يستقبل سفير فرنسا    تهديد بالقنابل لتأجيل الامتحانات في الهند    تقنية الواقع الافتراضي تجذب زوار جناح الإمارة في معرض وزارة الداخلية    لغتنا الجميلة وتحديات المستقبل    أترك مسافة كافية بينك وبين البشر    مع الشاعر الأديب د. عبدالله باشراحيل في أعماله الكاملة    تزامناً مع دخول فصل الشتاء.. «عكاظ» ترصد صناعة الخيام    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    زوجان من البوسنة يُبشَّران بزيارة الحرمين    إطلاق ChatGPT في تطبيق واتساب    هل هز «سناب شات» عرش شعبية «X» ؟    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    الدوري قاهرهم    نقاط على طرق السماء    «عزوة» الحي !    أخطاء ألمانيا في مواجهة الإرهاب اليميني    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    عبد المطلب    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    سيكلوجية السماح    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المملكة لعبت دوراً بارزاً لضمان وحدة الصفوف بين العرب وشعوبهم
برعاية ودعم من خادم الحرمين الشريفين.. السعودية أصبحت جهة المتعاهدين لإنهاء تنافرهم
نشر في الجزيرة يوم 26 - 03 - 2013


إعداد - القسم السياسي - علي سالم العنزي:
شهدت السياسة الخارجية للمملكة أدوارا بارزة تجسدت في أهداف متميزة لحفظ دماء الشعوب وتوحيد قلوب المتنافرين من القياديين والسياسيين، وقد اتخذت المملكة العديد من المواقف الإيجابية واستطاعت رعايتها وأنجحت تلك المبادرات،
وعلى الصعيد الخليجي أعطى الملك عبدالله أهمية خاصة لدول الخليج العربي بحكم موقعها الإستراتيجي, وارتباطها الجغرافي بالمملكة, وأهميتها الاقتصادية والسياسية والأمنية, وبحكم المصير الواحد لدول المنطقة.
وحرصت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله- على الاضطلاع بدور فعال في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي إطار التعاون الثنائي وذلك بهدف تعزيز التعاون وتنسيق الجهود لحفظ الأمن والاستقرار, وخدمة مصالح جميع الدول الأعضاء. كما تعمل المملكة في كل وقت على دعم التضامن الإسلامي ووحدة الصف العربي, وتعميق الروابط الأخوية القائمة بين الدول العربية في إطار الجامعة العربية ومؤتمرات القمة العربية والإسلامية.
وأسهمت جهود الملك عبدالله -حفظه الله-, في إرساء دعائم العمل السياسي الخليجي والعربي والإسلامي وصياغة تصوراته والتخطيط لمستقبله, ومد يد العون للأشقاء العرب والمسلمين ودعم قضاياهم.. وهنا نستعرض جزءاً من جهود المملكة على المستوى الدولي لإرساء الأمن والأمان بين الشعوب وبين شعب البلد الواحد.
جهود المملكة ضد الإرهاب
أيدت المملكة كافة قرارات مجلس الأمن ذات العلاقة بمحاربة الإرهاب وتعاونت مع المجتمع الدولي لمحاربته، وكانت من أوائل الدول العربية الموقعة على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الصادرة عن جامعة الدول العربية عام 1983م.
وبحكم معاناة المملكة من الإرهاب، أعلنت حرباً عليه لا هوادة فيها وسنّت الأنظمة، وتعقبت كل مرتكب ومحرض عليه، وسعت لتقديمهم للعدالة لمحاكمتهم.
إن الجهد الدولي المبذول لمكافحة الإرهاب مهما بلغت فاعليته لن يتمكن من إزالة هذه الظاهرة إذا جرى التعامل معها دون النظر إلى جذورها ومسبباتها، كما أن استمرار الأوضاع المتردية للشعوب المقهورة، أو الواقعة تحت الاحتلال، وتقاعس المجتمع الدولي تحت أي ظرف عن إيجاد الحلول المناسبة لتلك المشاكل هو ما يوفر المناخ الذي يستغله ذو النوايا الشريرة والخبيثة في التغرير بالشباب للعمل تحت مظلة الإرهاب.
وينطلق موقف المملكة تجاه الحرب على الإرهاب من خلال الأسس والمبادئ التي تقرها الشريعة الإسلامية وأحكام القانون الدولي ومبادئه، كما تنطلق من التراث الإنساني والأخلاقي للأمة العربية.
وقد استضافة المملكة المجتمع الدولي في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب والذي عقد في مدينة الرياض خلال الفترة 25-28-1425ه، 5-8-2005م. في وقت كان المجتمع الدولي في أمس الحاجة لعقد مثل هذا المؤتمر لمكافحة الإرهاب.
وقد حقق هذا المؤتمر بإجماع دولي نجاحاً باهراً يعود الفضل فيه لحكومة المملكة، وأعلن المشاركون فيه بصوت واحد أن الإرهاب لا دين ولا دوله له، والتأكيد على تعاون المجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب.
كما دعمت الدول المشاركة في المؤتمر اقتراح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، الوارد في خطابه -حفظه الله- في جلسة افتتاح المؤتمر, بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب وقد شكلت تلك الدول عمل لبلورة هذا الاقتراح.
جهود المملكة لتوحيد الفلسطينيين
أبرمت قيادات فتح وحماس الخميس 8 فبراير 2007 في مكة المكرمة اتفاقا على تشكيل حكومة وحدة وطنية ويضع حدا لإراقة الدماء بين الجانبين، كما ينص على السعي على تطوير وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية. وكان ذلك الاتفاق بناء على دعوة من خادم الحرمين الشريفين للمّ الشمل الفلسطيني وتوحيد صفهم لمواصلة مسيرتهم في المجتمع الدولي يداً واحدة، وكان نص الاتفاق التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}
صدق الله العظيم
بناء على المبادرة الكريمة التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية، وتحت الرعاية الكريمة، جرت في مكة المكرمة، بين حركتي فتح وحماس، في الفترة من 19 إلى 21 محرم 1428 هجريا الموافق 6 إلى 8 فبراير 2007، حوارات الوفاق والاتفاق الوطني، وقد تكللت هذه الحوارات بفضل الله سبحانه وتعالى بالنجاح، حيث جرى الاتفاق على ما يلي:
أولاً: التأكيد على حرمة الدم الفلسطيني واتخاذ كافة الإجراءات والترتيبات التي تحول دون ذلك، مع التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية كأساس للصمود الوطني والتصدي للاحتلال، وتحقيق الأهداف الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، واعتماد لغة الحوار كأساس وحيد لحل الخلافات السياسية في الساحة الفلسطينية. وفي هذا الإطار نقدم الشكر الجزيل للإخوة في مصر الشقيقة والوفد الأمني المصري في غزة الذين بذلوا جهودا كبيرة في تهدئة الأوضاع في قطاع غزة في الفترة السابقة.
ثانيًا: الاتفاق وبصورة نهائية على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية وفق اتفاق تفصيلي معتمد بين الطرفين، والشروع العاجل في اتخاذ الإجراءات الدستورية لتكريسها.
ثالثًا: المضي قدمًا في إجراءات تطوير وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وتسريع عمل اللجنة التحضيرية استناداً لتفاهمات القاهرة ودمشق. وقد جرى الاتفاق على خطوات تفصيلية بين الطرفين بهذا الخصوص.
رابعًا: تأكيد مبدأ الشراكة السياسية على أساس القوانين المعمول بها في السلطة الوطنية الفلسطينية وعلى قاعدة التعددية السياسية وفق اتفاق معتمد بين الطرفين.
إننا إذ نزف هذا الاتفاق إلى جماهيرنا الفلسطينية وجماهير أمتنا العربية والإسلامية وكل الأصدقاء في العالم، فإننا نؤكد التزامنا بهذا الاتفاق نصا وروحا، من أجل التفرغ لإنجاز أهدافنا الوطنية، والتخلص من الاحتلال واستعادة حقوقنا والتفرغ للملفات الأساسية، وفي مقدمتها قضية القدس والمسجد الأقصى وقضية الأسرى والمعتقلين ومواجهة الجدار والاستيطان.
والله الموفق
موقف المملكة تجاه القضية الفلسطينية
تسعى المملكة وبشكل مستمر إلى إحياء مسيرة السلام لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي الذي يعد أقدم الصراعات الدولية في العصر الحديث، والذي يؤثر استمراره سلبياً في فرص التوصل إلى حلول ناجعة لبقية الأزمات.
وأن إحياء مسيرة السلام يتطلب تعاوناً جاداً من أجل تحقيق الحل القائم على دولتين، وإيجاد آلية فعالة تفعل الدخول مباشرةً في مفاوضات سلمية تبحث قضايا الوضع النهائي، والتي تشمل القدس والحدود واللاجئين والترتيبات الأمنية المتبادلة.
وانطلاقاً من هذه القناعة تقدمت المملكة بمبادرة للسلام أقرتها القمة العربية في بيروت عام 2002م باسم «المبادرة العربية للسلام» والتي تمثّل التزاماً عربياً جماعياً بتحقيق تسوية سلمية للنزاع العربي الإسرائيلي يتمثل في إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل مقابل انسحابها الكامل من الأراضي التي احتلتها عام 1967م وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف وإيجاد حل يتفق علية لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وتم تشكيل لجنة عربية تعني بمتابعة تبني مجلس الأمن والجمعية العامة هذه المبادرة باعتبارها مرجعية أساسية من مرجعيات العملية السلمية، ومع مرور الوقت تثبت الأحداث جدية ومصداقية هذه المبادرة وتلبيتها لمتطلبات الحل العادل للقضية برمتها.
جهود المملكة لاستقرار لبنان
أتت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لعقد القمة الثلاثية في لبنان، والتي كانت قد جمعت الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس اللبناني ميشال سليمان، تحقيقا للسعي المتواصل من جانب المملكة لدعم جهود المصالحة الوطنية اللبنانية، ودرء أية محاولة لجر البلاد إلى أتون حرب أهلية، وسد الفخاخ التي تزرعها إسرائيل لزعزعة الأمن والاستقرار في لبنان.
ومن ثم، فإن هذه القمة الثلاثية تهدف في جوانبها الأشمل، إلى العمل على تحقيق المصالحات العربية وتوحيد الصف العربي في مواجهة الأزمات التي تخلقها إسرائيل في المنطقة، وهو ما اتضح في جهود خادم الحرمين الشريفين في تحقيق التشاور والتنسيق العربي مع القاهرة ودمشق وعمان. وفي جانبها العملي، فإن هذه القمة تركز على تحقيق الوئام بين أطراف العمل السياسي اللبناني بوأد أجواء الصراع وفتح أجواء التهدئة، وهو ما نجزم أن القمة الثلاثية قد نجحت في تحقيقه.
ولا شك أن الدور الذي قام به الملك عبد الله يعد دورا فاعلا في هذه القمة، ويترجم الدعم السعودي المتواصل والرامي إلى تعزيز الاستقرار في الأراضي اللبنانية، وذلك منذ الجهود التي بذلت منذ اتفاق الدوحة في عام 2008، لاستقرار لبنان وأمنه وأمن المنطقة العربية على نحو عام.
ويتوافق الدور الذي اضطلع به الملك عبد الله في القمة الثلاثية، ويتكامل أيضا مع جهود المملكة لاستمرار عملية السلام.
ولعل استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان، من شأنه أن يصب في مصلحة مفاوضات السلام التي ستجري، خاصة وأن المملكة تعد شريكا جوهريا للسلام والاستقرار في المنطقة، عبر مبادرة السلام العربية.
وهذه القمة أبرزت دور الرعاية العربية لقضايا لبنان وتأكيد المساندة العربية له سياسيا وأمنيا.
وأكدت القمة أهمية دعم اتفاق الدوحة واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف ومواصلة عمل هيئة الحوار الوطني، والالتزام بعدم اللجوء إلى العنف، وتغليب مصلحة لبنان العليا على أية مصلحة فئوية أو فردية، والاحتكام إلى الشرعية والمؤسسات الدستورية وإلى حكومة الوحدة الوطنية لحل الخلافات.
دعم المملكة لوحدة الصف العراقي
كما شهدت مكة المكرمة وبالجوار من بيت الله الحرام لقاء ضم كبار القيادات الدينية السنية والشيعية في العراق، وذلك بمبادرة من منظمة المؤتمر الإسلامي ممثلة في مجمع الفقه الإسلامي ودعم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حيث تم خلال اللقاء التوقيع على نص وثيقة مكة المكرمة التي تستهدف حقن دماء المسلمين في العراق وما يتبع ذلك من اقتتال طائفي وترويع للآمنين وتدمير وتشريد.
وكانت الوثيقة التي تم التوقيع عليها من 29 عالماً من السنة والشيعة بالإضافة إلى 3 شهود.. تنص على عدة بنود وهي:
أولاً: المسلم هو من شهد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهو بهذه الشهادة يعصم دمه وماله وعرضه إلا بحقها وحسابه على الله. ويدخل في ذلك السنة والشيعة جميعاً، والقواسم المشتركة بين المذهبين أضعاف مواضع الاختلاف وأسبابه. والاختلاف بين المذهبين - أينما وجد- هو اختلاف نظر وتأويل وليس اختلافاً في أصول الإيمان ولا في أركان الإسلام. ولا يجوز شرعاً لأحد من المذهبين أن يكفر أحداً من المذهب الآخر. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما» ولا يجوز شرعاً إدانة مذهب بسبب جرائم بعض أتباعه.
ثانياً: دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم عليهم حرام. قال الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه». وعليه فلا يجوز التعرض لمسلم شيعي أو سني بالقتل أو الإيذاء، أو الترويع أو العدوان على ماله أو التحريض على شيء من ذلك، أو إجباره على ترك بلده أو محل إقامته أو اختطافه أو أخذ رهائن من أهله بسبب عقيدته أو مذهبه ومن يفعل ذلك برئت منه ذمة المسلمين كافة مراجعهم وعلماؤهم وعامتهم.
ثالثاً: لدور العبادة حرمة. وهي تشمل المساجد والحسينيات وأماكن عبادة غير المسلمين، فلا يجوز الاعتداء عليها أو مصادرتها أو اتخاذها ملاذاً للأعمال المخالفة للشرع ويجب أن تبقى هذه الأماكن في أيدي أصحابها وأن يعاد إليهم ما اغتصب منها وذلك كله عملاً بالقاعدة الفقهية المسلمة عند المذاهب كافة أن «الأوقاف على ما اشترطه أصحابها»، وأن «شرط الواقف كنص الشارع» وقاعدة أن «المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً».
رابعاً: إن الجرائم المرتكبة على الهوية المذهبية كما يحدث في العراق هي من الفساد في الأرض الذي نهى الله عنه وحرمه في قوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}. وليس اعتناق مذهب، أياً ما كان، مسوغاً للقتل أو العدوان ولو ارتكب بعض أتباعه ما يوجب عقابه إذ {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
خامساً: يجب الابتعاد عن إثارة الحساسيات والفوارق المذهبية والعرقية والجغرافية واللغوية، كما يجب الامتناع عن التنابز بالألقاب وإطلاق الصفات المسيئة من كل طرف على غيره، فقد وصف القرآن الكريم مثل هذه التصرفات بأنها فسوق قال تعالى: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
سادساً: ومما يجب التمسك به وعدم التفريط فيه، الوحدة والتلاحم والتعاون على البر والتقوى، وذلك يقتضي مواجهة كل محاولة لتمزيقها، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وقال: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} ومن مقتضى ذلك وجوب احتراز المسلمين جميعاً من محاولات إفساد ذات بينهم وشق صفوفهم وإحداث الفتن المفسدة لنفوس بعضهم على البعض الآخر.
سابعاً: المسلمون من السنة والشيعة عون للمظلوم ويد على الظالم، يعملون بقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ومن أجل ذلك يجب العمل على إنهاء المظالم وفي مقدمتها إطلاق سراح المختطفين الأبرياء والرهائن من المسلمين وغير المسلمين، وإرجاع المهجرين إلى أماكنهم الأصلية.
ثامناً: يذكر العلماء الحكومة العراقية بواجبها في بسط الأمن وحماية الشعب العراقي وتوفير سبل الحياة الكريمة له بجميع فئاته وطوائفه، وإقامة العدل بين أبنائه، ومن أهم وسائل ذلك إطلاق سراح المعتقلين الأبرياء، وتقديم من تقوم بحقه أدلة جنائية إلى محاكمة عاجلة عادلة وتنفيذ حكمها، والإعمال الدقيق لمبدأ المساواة بين المواطنين.
تاسعاً: يؤيد العلماء من السنة والشيعة جميع الجهود والمبادرات الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة في العراق عملاً بقوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} وبقوله: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}.
عاشراً: المسلمون السنة والشيعة يقفون بهذا صفاً واحداً للمحافظة على استقلال العراق، ووحدته، وسلامة أراضيه، وتحقيق الإرادة الحرة لشعبه، ويساهمون في بناء قدراتهم العسكرية والاقتصادية والسياسية ويعملون من أجل إنهاء الاحتلال، واستعادة الدور الثقافي والحضاري العربي والإسلامي والإنساني للعراق.
إن العلماء الموقعين على هذه الوثيقة يدعون علماء الإسلام في العراق وخارجه، إلى تأييد ما تضمنته من بيان، والالتزام به، وحث مسلمي العراق على ذلك، ويسألون الله وهم في بلده الحرام، أن يحفظ على المسلمين كافة دينهم وأن يؤمن لهم أوطانهم، وأن يخرج العراق المسلم من محنته وينهي أيام ابتلاء أهله بالفتن، ويجعله درعاً لأمة الإسلام في وجه أعدائها.
صلح الجنادرية
كما يشهد التاريخ ويوثق جهود المملكة في الدعم والسعي وتبني الحلول لضمان استقرار الدول العربية وذلك برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فقد شهدت قضية «دارفور» الإقليم الغربي في السودان الذي عانى من الصراعات بين الجماعات المسلحة والقوات الحكومية دعم من لدن خادم الحرمين الشريفين، وقد أسهمت مساعي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عقد لقاء ذي طابع دولي وعلى مستوى رفيع ضم الرئيس السوداني «عمر البشير»، والأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون»، والأمين العام لجامعة الدول العربية «عمرو موسى»، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي البروفيسور «ألفا عمر كوناري»، على هامش القمة العربية التي عقدت في الرياض وبرعاية منه -حفظه الله- وخلُص هذا الاجتماع إلى الاتفاق على عدد من الإجراءات العملية لتذليل العقبات التي تحولت دون الإسراع في تنفيذ اتفاقية السلام في «أبوجا» والتفاهمات التي تم التوصل إليها بعد ذلك في كل من «أديس أبابا» و»أبوجا». وكانت قضية «دارفور» قد تسببت في توتر العلاقات بين «السودان» وجارتها «تشاد» بسبب البعد القبلي للقضية، ونزوح اللاجئين إلى «تشاد» وحدوث مناوشات بين البلدين، إلاّ أن تدخل بعض الأطراف العربية أسهم في عقد اتفاق مصالحة بين البلدين، ولكن لم تنفذ بنوده. وجاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لجمع رئيسي الدولتين، وعقد صلح بينهما سُمي «صلح الجنادرية»؛ نسبة إلى المكان الذي عُقد فيه، وهو مزرعة خادم الحرمين الشريفين، وجاء هذا الاتفاق ليؤكد الطرفان من خلاله عدداً من المواد أبرزها تأكيدهما الاتفاقيات الموقعة بينهما، الثنائية، والمتعددة الأطراف، خاصة إعلان بعد اتفاقية طرابلس، كذلك تعهد الطرفان بالعمل المخلص والجاد من أجل تطوير وتعزيز العلاقات بين البلدين في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى عدد من من المواد.
جهود المملكة لإنقاذ اليمن
وفي الأزمة اليمنية، وبحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السابق «علي عبدالله صالح» رئيس الجمهورية اليمنية الشقيقة جرى التوقيع على المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية من قبل الحكومة اليمنية وأحزاب اللقاء المشترك، ووقع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح المبادرة الخليجية لنقل السلطة في اليمن، بحضور الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي ألقى كلمة بتلك المناسبة حينها، قال فيها: «اليوم تبدأ صفحة جديدة من تاريخكم تحتاج منكم اليقظة، وإدراك المصالح، وتحديد الأهداف، فالحرية بكل أشكالها لا يمكن لها أن تستقيم دون المسؤولية».
اتفاقيات ومصالحات رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله إحساساً منه بأهمية السلام وضرورة أن يعم العالم العربي والإسلامي والعالم أجمع.. إنه فعلاً رجل السلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.