عشية توديع العام الثاني للثورة السورية، حزم الفرنسيون والبريطانيون أمرهم وقرروا الإقدام على تسليح الثوار السوريين، إذ حاجج الفرنسيون والبريطانيون نظراءهم الأوروبيين بأن تعزيز التسوية السياسية هي إحداث تحول في ميزان القوى يفرض على نظام بشار الأسد الاستجابة للجهود الدولية التي تعمل على تحريك مفاوضات جادة وليس كسباً للوقت كما فعل وتعامل نظام بشار الأسد مع كل المحاولات الدولية والإقليمية السابقة. ويعتقد الفرنسيون والبريطانيون -وهم على حق في ذلك- من أن تدفق الأسلحة المتقدمة كالصواريخ وقذائف المدفعية والطائرات المقاتلة لنظام بشار الأسد من روسياوإيران هو الذي يشجع بشار الأسد على الإصرار على فرض الحل الأمني والتمادي في استعمال القوة وخاصة ضرب المدن وتجمعات السكان بالصواريخ والطائرات المقاتلة وبراميل التدمير، كما أن تدفق الأسلحة والمقاتلين من العراق ولبنان، حيث يشارك مقاتلون من المليشيات الطائفية سواء من حزب حسن نصر الله أو حتى مقتدى الصدر وخبراء وضباط كبار من الحرس الثوري، هو الذي أطال مدة القتال وأوصل الثورة السورية إلى العام الثالث الذي يشكل اليوم السبت اليوم الثاني من العام الثالث. ولهذا فإن الفرنسيين والبريطانيين وحتى الأمريكيين قرروا إحداث التوازن بل وحتى التفوق ميدانياً بالقيام بالعديد من الإجراءات، حيث تفاهم الأمريكيون مع الأوروبيين على تزويد الثوار السوريين بالأسلحة فيما يقوم الأمريكيون بالتدريب. وقد بدأ عقد دورات تدريبية في الدول المجاورة لسورية منذ أكثر من شهر، ولهذا فإن الإقدام الفرنسي والبريطاني يأتي في هذا السياق والذي ستتبعه دول أوروبية أخرى بما فيها ألمانيا التي كانت تعارض تقديم أسلحة أوروبية إلى المعارضة، حيث أعلنت وزارة الخارجية الألمانية «أن الوضع قد تغير وأنه يتطلب تغييراً جديداً ونحن جاهزون لمناقشة ذلك داخل الاتحاد الأوروبي». ويرى المراقبون للحزم البريطاني والفرنسي بداية تحول في ميزان القوى، وأنه يأتي بعد أن ضاقت باريس ولندن ذرعاً بالدعم السافر من قبل روسياوإيران والمليشيات الطائفية في لبنان والعراق والمتمثل في تقديم الأسلحة من روسياوإيران والأسلحة والمدربين والأموال وحتى المقاتلين من إيران ومن المليشيات الطائفية في العراق ولبنان. ويعتقد الأوربيون وبالذات الفرنسيين والبريطانيين من أن تقديم الأسلحة ورفع مستوى تدريب الثوار السوريين سيجبر نظام بشار الأسد على التفاوض الجدي وأن يتوقف عن فرض شروط إذعان تنفر المعارضة السورية. وإذا لم يتجاوب نظام بشار الأسد مع الجهود الساعية لتحقيق حل سياسي فإن الدعم بالتسليح والتدريب سيتواصل للثوار السوريين ويحصلون على مساعدات لوجستية لإدارة المناطق المحررة. هذا التحرك الأوروبي الذي يقوده الفرنسيون والبريطانيون هو استقراء لما يجري على الأرض السورية، وهم يتوافقون مع القراءة العربية التي ترى أن دعم الثوار السوريين من خلال الائتلاف الوطني السوري كفيل بجعل النظام السوري يتجاوب إيجابياً مع دعوات التفاوض ووضع حد لحكم بشار الأسد المرفوض من قبل الشعب السوري. [email protected]