فجعنا جميعا قبل أيام بخبر وفاة الابن ريان بن عبدالرحمن الحمود ابن أعز وأقرب وأوفى الأصدقاء إلى قلبي أخي وحبيبي أبا راكان، وبالرغم من إيماننا الكامل ولله الحمد ورضانا بما قدره الله إلا أن الفجيعة كانت كبيرة ومذهلة لكونها مفاجئة وتتجاوز قدراتنا وضعفنا. ففي مساء يوم الاثنين الحزين الكئيب في ناظري تلقيت اتصالاً من عم الفقيد بنبرة حزينة يكسوها الألم والجرح والحزن، وكنت استنتجت قبل أن يبدأ أخي (حمود الحمود) بنقل الخبر المفجع أن هذه النبرة تخبئ أمراً عظيماً، لقد كان وقع الخبر مؤلماً جداً فكنت على علم تام بأن الابن ريان في مقتبل العمر وفي المرحلة النهائية من الدراسة الثانوية وأعلم يقيناً بعض سمات الصلاح والهداية والبر الذي اشتهر به رحمه الله، بل لا أكون مبالغاً إن كنت في قرارة نفسي أعتبره دوماً قدوة حسنة ومميزة لمن هو في عمره الذي لم يتجاوز السابعة عشر. بعد أن شاركت في الصلاة عليه رحمه الله وحضرت أيام العزاء وسمعت الكلمة التي حاول إمام المسجد المجاور لمنزلهم أن يلقيها بعد صلاة المغرب في ذلك اليوم الحزين عن مدى تعلق قلب ريان بالمسجد وحرصه على المساهمة الدائمة بالجهد والمال بقدر استطاعته والتي لم يستطع الإمام من إكمالها فبكى وأكانا، فقد سمعت وشاهدت خلال أيام العزاء ما تناقله معلموه ومسئولو مدرسته عن المثالية والبشاشة والسماحة في تعامل ريان معهم وحرصه الدائم على أداء واجباته الدينية والدراسية ومدى تأثر زملاء الدراسة والصدمة التي حلت بزملائه وحالة الارتباك المفجعة التي حدثت بالمدرسة في ذلك اليوم وما أجمع عليه زملاؤه من رغبتهم في المساهمة بعمل جماعي ووقف خيري يحمل اسمه، لقد سمعت الكثير من الروايات التي يذكرها جيران الحي شيوخاً وشباباً سواء بالحي الذي يسكنه حاليا أو بالأحياء التي سكنوها سابقا وظل الابن ريان على تواصل معهم حتى بعد أن انتقلوا إلى أماكن أخرى وبعد أن شاهدت شيخا طاعنا بالسن من الجيران السابقين يصر على الحضور للمقبرة بالكرسي المتحرك رغبة في المشاركة في توديع ابناً باراً لهم يكثر دوماً السؤال عنهم وعن أحوالهم، أقول علمت يقيناً أن ما كنت أعلمه سابقا عن سيرة الابن وصلاحه هي مجرد نقطة في بحر غزير من أعمال الخير واجتهادات تتجاوز بكثير عمره وقدراته وإمكانياته التي كانت قبل وفاته من الأسرار التي حرص ريان أن تظل تلك الأعمال والجهود سراً وأعمالاً خالصة لوجه الله لم يعلمها أقرب الناس له، لقد سمعت أحاديث وقصصا تسعد القلب وتطمن الفؤاد يرويها الكثير ممن حضر للعزاء في الابن ريان فلله الشكر والحمد على هذه النعمة الكبيرة ونبارك جميعاً لأخي أبا راكان هذه السيرة العطرة التي يحق له ولعائلته جميعا أن يفخروا بها للابن الصالح البار نحسبه كذلك عند الله. رحمك الله يا ريان وجعل الجنة والفردوس الأعلى مستقرك ومثواك وجمعك اللهم بأهلك وأحبابك وألهم والديك نعمة الصبر والاحتساب وخفف عليهم لوعة الفراق، وختاماً أذكّر جميع أحبة ريان بالحديث القدسي للرسول صلوات الله وسلامه عليه عندما فقد ابنه إبراهيم حيث قال (إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.