يوم الثلاثاء الموافق 12/ 12/ 1432ه حوالي الساعة 12 ظهراً حمل لي (الجوال) خبر نعي شخص عزيز عليّ، خلال مكالمة حزينة هاتفني بها أحد الأقارب قائلاً (أبو عبد الله العتيبان (يطلبك الحل)، فقلت إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ، رحمك الله يا محمد وأسكنك فسيح جناته، وقد اختلطت مشاعر الحزن مع مشاعر الفرح بعيد الأضحى والأمل بشفائه ومعافاته من مرضه الذي أصابه مع بداية الإجازة، وقد كنا كلنا دعاء متواصلاً له .. لكن إرادة الله ولا رادّ لقضائه .. فعمّ علينا نحن محبيه وأقربائه وأسرته الحزن والأسى ودمعت العين لفراقه، وكان في القلب لوعة وفي النفس حسرة وفي الصوت نبرة، ولا أقول إلاّ إنا على فراقك يا أبا عبد الله لمحزونون.. فقد أحزنت الديار بفراقك.. والبيت بغيابك.. والحي بوداعك.. فكيف لمثلي أن يرثيك لكنها مشاعر فياضة أبت إلاّ أن تبوح.. فأنت عَلَم عظيم محب للخير ساعٍ فيه.. لسانك رطب بتلاوة كتاب الله.. كثير الخطى للمساجد، عُرف عنك الصيام والقيام وهكذا نحسبك. أما برّ الوالدين فكنت مدرسة عظيمة فأنت ابن مطيع ورجل بار بكل المواصفات والمقاييس، بل كنت مضرب المثل في برِّك وإحسانك بوالديك منذ نعومة أظفارك، ولما ودعت والدك تفرّغت لمواصلة البر والإحسان لوالدتك، فكنت سمعاً وطاعة لها تبحث عن رضاها وما يسعدها أسعدك الله في جنات النعيم.. لقد امتد برك إلى جميع أسرتك، فكنت نعم الراعي والمربي والناصح والرحيم.. شعر إخوتك أنك الأخ والأب والصديق، فكنت القريب منهم في عطفك وحنانك ونصحك وكرمك.. لقد بارك الله في وقتك لأنك سخّرته في عمل الخير والسعي فيه.. مع هذا كنت نعم المربي لأولادك وبناتك وأكرمت زوجاتك فهنيئاً لك في سيرتك العطرة.. فكنت كريماً لضيوفك.. حريصاً على عملك في شركة الكهرباء بمحافظة الرس والتي عرفتك منذ أكثر من 3 عقود، فكنت نعم الموظف المخلص النزيه الورع الأمين.. أعطيت هذه الشركة خلاصة طاقتك وجهدك وربما زدت عن ذلك على حساب صحتك، جعل ذلك الله في موازين أعمالك، وأن يكون ما أصابك قبل وأثناء مرضك رفعاً لدرجاتك. أبا عبد الله لقد كنت لطيفاً في معشرك أنيساً في مجلسك خدوماً لأصحابك زاهداً تبحث عن رضاء الآخرين.. لقد كانت مكة وجهتك وبيت الله مقصدك.. تحرص على صلة رحمك وأقاربك، تسأل عن الصغير والكبير.. غفر الله ذنبك وجعل قبرك روضة من رياض الجنة وآنس وحشتك. رحمك الله يا محمد، فقد كنت كبيراً في حياتك فقيداً في مماتك. وقبل الختام أقول داعياً ربي اللهم عافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبَرَد، ونقِّه من الخطايا كما ينقّى الثوب الأبيض من الدّنس، وجازه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً، وألهم أهله ووالدته وأبناءه وزوجاته وإخوته الصبر والسلوان، وأحسن الله عزاءنا وعزاءهم ووفق الله أبناءه إلى برِّه وإحسانه والدعاء له وهم نعم الأبناء وأهل لذلك .. وختاماً لا نقول إلاّ (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) .