توقع مختص في الشؤون النفطية، أن يبلغ متوسط أسعار النفط للعامين 2013 و 2014 مستوى ينخفض عن متوسط أسعار عام 2012، وذلك نتيجة للاختلاف في السياسات النقدية بين الصين والولاياتالمتحدة. وأوضح حجاج بوخضور ل»الجزيرة» أن متوسط أسعار برنت الفوري سيتراوح ما بين 105 و 110 دولارات للبرميل في عام 2013، أي سيكون اقل مما بلغه من مستواه المتوسط عند 112 دولارا للبرميل عام 2012، كما أن الأسعار قد تتراجع أكثر من ذلك في 2014، حيث ستبلغ مستوى يتراوح فيما بين 100 دولار و 105 دولارات للبرميل. وكانت أسعار العقود الآجلة لمزيج برنت قد تراجعت أمس (الخميس) ليجري تداولها دون 111 دولارا للبرميل، بينما تتركز أنظار المتعاملين على اجتماعات بنوك مركزية رئيسية وبيانات اقتصادية لرسم صورة أفضل لآفاق الطلب على النفط في أكبر الدول المستهلكة للخام، كذلك هبط الخام الأمريكي الخفيف 12 سنتا إلى 90.31 دولار للبرميل بعد ارتفاع غير متوقع في بيانات المخزونات. وحول أسباب التذبذب الحالي في أسعار النفط، قال بوخضور: إن طبيعة المضاربات التي تتعرض لها تجارة النفط بشكل يومي وفوري، إضافة إلى الملفات الجيوسياسية والحوادث التخريبية، والجوانب الفنية بسبب قدم معظم منشآت صناعة إنتاج وتكرير النفط، يؤدي إلى تذبذب الأسعار، والأهم من ذلك كله هو السياسة النقدية وخاصة السياسة الأمريكية التي تتسبب فيما يحدث من تذبذب لسعر صرف الدولار بشكل يميل دائما إلى التراجع أمام العملات الرئيسية والذي من شأنه يؤدي إلى تذبذب شديد في أسعار النفط، حيث إن النفط مرتبط بتسعيره بالدولار، فما يجري على الدولار من تذبذب في سعر صرفه يؤدي إلى تذبذب أسعار النفط بشكل مباشر وآنٍ ومتزامن مع سعر صرف الدولار تبعا لذلك» وأضاف بوخضور :حتى نوضح إلى أي مدى تؤثر السياسات النقدية في أسعار النفط، لا بد من فهم طبيعة نتائج السياسات النقدية وآثارها على أسعار السلع الرئيسة التي تنتهجها الصين وأمريكا باعتبارهما أكبر مستوردين ومستهلكين للنفط في العالم، حيث ترى هاتان الدولتان أن معالجة الاختلالات في هياكل موازينها التجارية يكون بلعبة السياسات النقدية، فمن جهة تطالب الولاياتالمتحدة الصين أن تعيد هيكلة تقييم سعر صرف عملتها، بينما ترى الصين أنها لن تستطيع مواجهة التحديات الاقتصادية والتغلب عليها إلا بالإبقاء على نظام تقيم سعر صرف عملتها، حيث تنسب الصين إلى الولاياتالمتحدة والرب تهمة خلق تضخم مستورد في اقتصادها المحلى ومسؤولية التسبب بخلل الهياكل الاقتصادية العالمية، في المقابل تحمل أمريكا نظام تقيم العملة الصينية مسؤولية الاختلال الواضح في المبادلات التجارية لمصلحة الصين، كي تحقق فائضاً تجارياً كبيراً على حساب ميزان الولاياتالأمريكية التجاري، بهدف خفض تكاليف المواد الخام والموارد البشرية» وبين بوخضور، أنه نتيجة لهذه الاتهامات اندلعت حرب السياسات النقدية بين الدولتين، حيث لجأ الفيدرالي الأمريكي إلى إحكام سياسة نقدية تعمد على خلق تضخم مستورد في الصين على السلع والخدمات غير الأمريكية، وذلك من خلال محورين أحدهما استمرار خفض سعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى، والآخر عن طريق تحكمها بسياسة أسعار النفط والسلع الرئيسة الأخرى، ونتيجة لهذه السياسة ارتفعت الضغوط التضخمية وأثرت في المواد الأولية، وكذلك العملات المتصلة بها، فارتفعت تكلفة صادرات البضائع الصينية، وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين وبلغ 2.7%، وهو أعلى مستوى له بعد اندلاع الأزمة المالية خلال 16 شهراً، إذ يرى مسؤولون صينيون أن الغرب يهدف من هذه الدعوات إلى احتواء تطور الصين، وأن عدم قدرة دول الغرب على معالجة المشاكل في هياكلها الاقتصادية هو الدافع وراء سعي واشنطن في اتهام سياسة سعر صرف العملة الصينية بالتسبب في العجز الكبير الذي تواجهه موازنتها. وقال بوخضور: إن الصينيين يرون أن سياستهم النقدية ونظام تقييم عملتها يحد من الاختلالات الاقتصادية العالمية، حيث إن «اليوان» المستقر أسهم في انتعاش الاقتصاد العالمي وعمل على تحقيق التوازن بين النمو من جهة، واحتواء ضغوط الأسعار من جهة أخرى، وهي التي جعلت منتجاتها تحقق الأفضلية التنافسية في السوق العالمية، وأنه يتعين على دول الغرب بدلاً من التركيز على ذريعة سعر صرف «الرنمينبمي» أن تسعى للوصول إلى أسباب المشاكل الاقتصادية على الصعيد الداخلي، وأن إعادة تقييم «اليوان» ليس الحل الرئيس للمشاكل التجارية التي تواجه الولاياتالمتحدة.وأكد بوخضور، أنه أمام هذه الاختلاف في السياسات النقدية بين الصين والولاياتالمتحدة، ترتفع أسعار النفط، ويعاني الاقتصاد العالمي من تخمة التضخم.