البارحة في الرياض، المدينة التي أحب فتح معرض الكتاب بوابته الشاسعة لطيوف الفكر وحضوره.. للاختيار والاقتناء.., للسؤال والتجواب.. وفي الموعد أُحتفي بأسماء لها مسيرتها في العطاء، وتاريخ الوطن..، والمحتفون جزء في مكاسب الوطن من فكرة المعرض لامتثاله..، وكذلك المحتفى بهم،.. وهن فيهم جزء من كل نساء الوطن.., من ثغر التعلم في الكتاتيب، والتطبب في البيوت..، ومذ المصحات المتواضعة، والكتابة بالقلم الرصاص.., والبدايات صحيفة الحائط المدرسية..، وخربشات الأحلام مع مسرى القمر بين السحب.., والصحو للمدرسة يتعثر بين راغب..، ورافض..! وحتى استواء الفكرة مشاريع تصافح الشمس.. من هنا، من خارج الوطن حيث أكون الآن,.. كنت أصغي لنبض الوفاء الذي تجلى في افتتاح المعرض البارحة.. كنت أصغي لاستدعاء خطوات كُتبت..، مشتها الجميع، من الطفلة تلثغ الكلمة، للأم تحتضن المواهب, للمعلمة تنكفئ على المحبرة..، للطبيبة تعقم الجروح، للمديرة تنظم الطابور،...لذات العزم تحفر للمسار طُلعة الخطوة..، للكاتبة تنسج الأحلام بريئة على راحة كفها...., تؤسس للغايات، وتفسح للرؤى.. ليلة البارحة، الرياض في شموخها شهدت تجلي الوفاء في حضوره.. كنت على وعد مع هذا الوفاء، إذ نصبوه كمين احتواء وحضور.. وإن كنت لا أميل لمشاريع التكريم أبدا.. فقد رفضتها كثيرا.., إذ أحسبها ضربا فائضا، لكنه يسعد كثيرا من الأرواح .. فأنا أؤمن يقينا بأن التاريخ الأصيل لا ينسى من صنعوه..، ولا يتأخر عن كتابتهم في أوسع صفحاته..!, فلا حاجة لأن يتذاكروه.. لكن تأبى الأصالة عن النسيان .. وكانت البارحة تعبر عن وفاء الذين لا يغفلون ..ولا ينسون.. وقد دأب معرض الكتاب على أن يكون بوابة تشرع لهذه المواقف جلاءها، وصدق من يسجلها.. ويثبتها.. الشاهد على وجودهم كانت ليلة البارحة.. وكنت واحدة بينهن،.. من خارج الوطن ألوح بكف الروح لهم، ولهن..، وأقلب الخطوات.. استعدت مع الخلص ليلة البارحة خطى كُتبت ومشيتها، مسارات بحجم محبة الوطن.., وقيمة الإنسان، وعهد الكلمة.., مشيتها قدما، وفكرا، وقلما، بكل نبضة حرف, وشكل حركة، وطيف فكرة،.. أحمل قلمي كما تحمل الأم وليدها، شغفا به، وشفقا عليه.., لغتي مركبتي، سراجي, وفرسي..، أرضي..، وسمائي.., كسائي..، ودوائي.. مذ اللثغة بحرفها، وكلمة به لم تتكامل في مخارج فمي.. وحين كان الناس يؤمنون بأن البوح في الصدور،لا في السطور.. قلنا ولم نصمت، ولم نكتم.. وبأن السطور حين تذيل باسم امرأة فمن ورائها رجل.., فواكبنا، وذهب الذين يقولون..! وبقيت الكلمة الجسر، البحر, والمداد..! وكسبنا صوتها، ووجودها الذي يبقى،ولا يفنى .. فالكلمة كيان لا يثلم، ولا يلبس غير ثوبه..ولا يمرض وهو معافى، ولا يتجلى بغير ما فيه،ولا يسقى من غير مكنونه.. الكلمة الرسالة، الأمانة, اللؤلؤة, المحارة، الطيف، الرفيق, الملاذ، والجرح..! في عبارة مرسلة..، وجملة فاعلة، وقول ينقض خرابا، ويقيم بناء.. بكل جمالها وقدراتها، وأبنيتها، وأنواعها.. بكل مكنونها..، وأنسجتها..، وأزيائها.. وظلت المقالة النوع الذي أحب.., باللغة التي أتعهد.. فالمقالة نوع أدبي لا تطمسه الأنواع الأخرى مهما حمى الوطيس من حول تلك..!, تبقى المقالة ذات سيادة .. ودرة في النوع .. فاعلة في التأثير، وفية بالتعبير.. ومهما زاحمتها في لجج النشر أنواع المقالات، وتراخى الدارسون عن شأنها.. عاهدتها نبقى معا.. وفاء للكلمة فيها .. هذه شجون بعثتها في الخاطر ليلة البارحة, وأشرك رفقاء الحرف في سماع صوتها.. وقد استعاد الأوفياء معي البارحة وهج السطور في تاريخ العبور..، وهم كل الخُلَّص الذين شاءوا أن يقولوا لي: أنت هنا..، لأقول لهم: إنكم دوما حنطة الحروف، وعجين الكلمة، ووهج اللغة.. في معية الكلمة.. ولأقول أيضا: إن الحرف فيها أحدُّ سيفا عليها، قبل أن يكون لها..,.. وهو أرحم بالغايات من صعوبات البدايات..، وأشد قوة بي من وهن النشأة.., وأوسع صبحا للأيام من عتمة غروب النفوس..!! شجون,.. تهادت ترتل امتنانا عميقا لكل من رشح..، ووافق.. وضمَّ اسمي لكوكبة منهن رائدات الوطن.. ولمفكريه الذين اختيرت كتبهم..، وتهنيء كل الذين شهدت منصة الوفاء بهجتهم.. وإنني أحمل للأوفياء غصن زيتون..، وكثيرا من غيث الغيمة.. ودعائي بما يتمنون.. بما فيهم من كتب، وراسل، وغرد، وواصل.. كما قلت: أنتم التكريم الحقيقي.. تفاخر بكم الكلمة، وتبهج بكم حروفها.. عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855