توابع تظاهرات مواجهة الإقصاء والتهميش للمكون العراقي الأكبر في المجتمع من أهل السنة بدأت في التفاعل؛ فالمتظاهرون والمحتجون في المحافظات الغربية والشمالية، وبعد أن وجهوا مطالبات واضحة للحكومة المركزية، بدؤوا يطالبون بوضوح الوزراء الذين ينتمون إلى أهل السنة باستقالتهم من حكومة لا تحترم الدم العراقي، ولا تحترم أبناء الشعب العراقي، وتقدم العراق وشعبه وعشائره العربية رهائن إلى دولة طائفية، عُرفت بعدائها للعراق خاصة والعرب عامة. ضغوط المعتصمين في الرمادي وسامراء والفلوجة دفعت الدكتور رافع العيساوي وزير المالية إلى تقديم استقالته أمام المتظاهرين في ساحة الصمود في الرمادي، وبعدها ذكر الشيخ أحمد أبو ريشة رئيس مجالس الصحوة أن استقالة العيساوي سيتبعها استقالة وزير العلوم والتكنولوجيا عبد الكريم سامرائي وعز الدين الدولة وزير الزراعة، كما أن نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات الدكتور صالح المطلق الذي جمد نشاطه يعتبر في حكم المستقيل. وبهذا لن يكون لأهل السنة ممثلون في حكومة المالكي سوى وزير الكهرباء عبد الكريم العفتان الذي تعرض لانتقادات شرسة من جانب كبير من الذين ينتمي إليهم بسبب حرصه على البقاء في حكومة تحارب شعبها، وبخاصة أبناء المكون الذي ينتمي إليه. أما الوزير السني الآخر سعدون الدليمي الذي يشغل منصب وزير الثقافة والدفاع وكالة فلا يحسبه أهل السنة من الوزراء المحسوبين على المكون لملابسات عديدة، من أهمها أنه محسوب على قائمة دولة القانون التي شكلها نوري المالكي. وبهذا تكون حكومة المالكي قد فقدت الغطاء الذي كانت تدعيه بمشاركة المكون السني في حكومة، كان أكبر همها تهميش وإقصاء أهل السنة؛ إذ إن الوزراء الممثلين لهذا المكون كانوا مجرد واجهات؛ ليس لهم تأثير على ما يجري داخل وزاراتهم التي كانت تدار من قبل الوكلاء والمديرين العامين الذين أغلبهم إن لم يكونوا جميعهم من مكون آخر. استقالة الوزراء من أهل السنة يعتبرها كثير من المراقبين استباقاً لما سيقدم عليه نوري المالكي، الذي جهز ملفات عن هؤلاء الوزراء لاتهامهم بمخالفات، بعضها يصل إلى حد الاشتراك والتشجيع على ارتكاب الجرائم، كجرائم الإرهاب، وهو ما يهدد به نوري المالكي وزير المالية المستقيل الدكتور رافع العيساوي ورئيس الكتلة البرلمانية للقائمة العراقية سليمان الجميلي اللذين لا يستغربان أن توجه لهما الاتهامات نفسها التي وُجهت للسيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية. هذه المواجهة بين الرموز السياسية لأهل السنة ونوري المالكي تؤذن بتصعيد للمعركة التي بدأت منذ أشهر لإنهاء تهميش وإقصاء أهل السنة، والتي لن تتوقف إلا بعزل نوري المالكي أو إنهاء ما يسمى بالمشاركة السياسية التي استُغلت للإساءة لأهل السنة في العراق وإضعافهم. [email protected]