في بريطانيا معظم السياح العرب وأبنائهم يقصدون المطاعم العمالية المنتشرة في الشوارع دون حرج، للاستمتاع بوجبة (الفش آند شبس) السمك والبطاطا الشهيرة، رغم أنهم يعلمون أنها أكلة شعبية، إلا أنهم يسيرون في الشارع حاملين جريدة بداخلها (سمكة مملحة) يقضمونها بهدوء كجزء من الثقافة السياحية! صورة بعض (الأثرياء الخليجيين) وأبنائهم تتغير في الخارج؛ حيث يحرصون عند دخول المطاعم الغربية الطلب (بقدر الحاجة) ودون بذخ، بعكس المطاعم العربية، ويشربون العصير أو المشروب الغازي المقدم مع الوجبة حتى آخر قطرة، وكأنهم عطشى، ويتأكدون في نهاية المطاف من لحس الصحون قبل المغادرة، تعبيراً عن الاحترام (لثقافة الخواجات)، وأنهم بالفعل «عيال ناس متربيين صح»! هذه المظاهر تختلف في بلداننا؛ فسلوك رواد المطاعم الفاخرة من الطبقات المُنعمة يدعو للضحك؟! لأن الجلوس يجب أن يتم بطريقة محددة (تشبه الطاووس)، والطاولة يجب أن تضم ثلاثة أو أربعة أصناف متشابهة، الأكل (نقنقة) وبدون شراهة؟! بروتوكول مطاعمنا الفاخرة وروادها يقول: إن الأكثر شياكة، والأكثر أناقة هو من يترك (الأكل كما هو) في الصحن وبجواره (إكرامية النادل)؛ لأنه يفترض أن هذه الطبقة تأكل بأعينها وليس بالهضم والمضغ مثل بقية خلق الله! لست برشلونياً أو مدريدياً، ولكنني دعيت (لعزومة) يوم الأربعاء الماضي بمناسبة فوز الأخير في أحد المطاعم إياها، ومما أدهشني أن (الجرسون) يحمل الأطباق من أمامنا كما هي؛ لأن الجماعة ينظرون في الأكل ويصورون فقط، بينما أنا الوحيد الواضح أنه من الطبقة (الكوحيتي)؛ لأنني أمسح الصحن بمجرد وضعه أمامي! لا أعرف أن يذهب الأكل في الصحون المصورة، رغم أن الفاتورة (مؤلمة)! للأسف، الخجل منعني من سؤال (أبناء الأثرياء): ما هو مصير الأكل بعد التصوير؟! رغم أنني تذكرت فوراً (طبق شكر النعمة) الذي دشنه أحد المطاعم الشعبية بالرياض، ليدعو زبائن (الكبسة) إلى أن يطلبوا هذا الطبق في حال زاد الأكل لديهم، ليتم (تجهيزه بشكل لائق) وأخذه مع الزبون، ومنحه لمحتاج أو عامل في الخارج بمعرفته! أعدكم في (المرة القادمة) لن أخجل وسأطرح السؤال؟! أو لن أشارك في تصوير الصحون على الأقل! وعلى دروب الخير نلتقي. [email protected] [email protected]