بين تأكيدات الإماراتي يوسف السركال وثبات موقف البحريني سلمان الخليفة والدخول الصامت للسعودي حافظ المدلج وتوجه الصيني جي لونج والدعم الكبير من منطقة الآسيان للتايلاندي راواري ماكودي أصبح الاستحقاق الانتخابي القادم لمنصب كرسي رئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملتهباً قبل أقل من خمسة أيام على إغلاق باب الترشح للمنصب بجانب مناصب أخرى آسيوية؛ إذ يصادف الثاني من مارس القادم الفرصة الأخيرة للترشح، على أن يتم إعلان الفائز يوم الثاني من مايو في العاصمة الماليزية كوالالمبور على هامش اجتماع الجمعية العمومية (الكونجرس). الجزيرة، ووفقاً لمعلومات موثوقة، حصلت على قراءة مستجدة وحديثة للموقف القادم؛ إذ جاء الإعلان السعودي عن ترشح الدكتور حافظ المدلج عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد الآسيوي لمنصب الرئيس تأكيداً على حصولها على موافقة السركال والخليفة على الانسحاب. وبرغم نفي الأول المتكرر إلا أنه يبدي مرونة للحل التوافقي أكثر من الثاني الذي ما زال غائباً عن وسائل الإعلام؛ ما جعل الكويت تأخذ زمام المبادرة للحديث عنه، وهو الأمر الذي انتقده السركال إعلامياً بعد اتضاح الصورة حول الدور الكويتي الغامض بالانتخابات. السعودية التي أعلنت أنها تدخل من باب الحل التوافقي بين الأشقاء الخليجيين بقيادة الأمير نواف بن فيصل رسمت طريقاً سريعاً لتحقيق ذلك التوافق أولاً بوصول شخصيات سعودية قبل نحو شهر من الآن للعاصمة الإماراتيةدبي لجس النبض والحديث مع مسؤولين عن الحل التوافقي، فيما اتخذ المسار الثاني تواصلاً مع سلمان الخليفة، الذي يبدو أنه لم يستجب لهذا التواصل؛ الأمر الذي جعل الخطوة السعودية ترتفع كثيراً عن المخطط لها لتستخدم سلم الطوارئ لتجنب صدام الأشقاء الخليجيين. ويشترط السركال الذي يبدو واثقاً من نفسه أكثر من أي مرشح سحب الخليفة استمارة ترشحه ليسحب هو الآخر استمارته شرط أن يكون مرشح غرب آسيا الوحيد لرئاسة الآسيوي عام 2015م إذ لا تتعدى فترة رئاسة الرئيس الآسيوي الحالي أكثر من عام وثمانية أشهر، تنتهي باجتماع الجمعية العمومية في أستراليا على هامش استضافتها كأس آسيا للمنتخبات. وعلى ضوء المتغيرات الطارئة، واتجاه الدول العربية المنضوية تحت لواء اتحاد غرب آسيا للحل التوافقي، سيشهد اليومان القادمان اكتمالاً للصورة، خاصة أن الأمير علي بن الحسين رئيس اتحاد غرب آسيا دعا إلى اجتماع عاجل للدول الأعضاء (الإمارات-السعودية -العراق- البحرين- الأردن - الكويت - اليمن-فلسطين -سوريا - قطر - عمان- إيران- لبنان) فيما يتعامل رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم الأمير نواف بن فيصل بحكمة ورؤية دقيقة للموقف لضمان لم الشمل بعد اتضاح الصورة دون ضجيج بانتظار التحركات الجانبية والتفاهمات التي ترتقي أحياناً بعيداً عن الجانب الرياضة. في الجانب الآخر، دخلت قطر على الخط بقوة بعد أن أعلنت عزمها ترشيح شخصية قطرية لمنصب عضو اللجنة التنفيذية بالفيفا عن القارة الآسيوية (منصب ابن همام)، وتبدو تحركاتها في اتجاه توأمه الطريق الانتخابي للمرشح القطري ونظيره الخليجي المرشح لمنصب الرئيس، فمصادر الجزيرة تكشف أن الدوحة أصبحت مركزاً رئيسياً لرسم المسار القادم بمراقبة سعودية مستمرة، خاصة أن قطر ربما تكون الدولة الخليجية الأكثر فهماً للعبة الانتخابات والعلاقات الرياضية الحديثة بعد أن كسبت جولة استضافة كأس العالم 2022م، وهو الأمر الذي أعطاها ثقلاً كبيراً بجانب فهمها لثقل وأهمية السعودية وثقل الأمير نواف بن فيصل والتحرك بتنسيق دائم معه. الفيفا يدخل اللعبة وفي سياق آخر يطل الفيفا بتحركات صامتة لضمان استمرارية هيمنته على الاتحاد الآسيوي بعد أن سلم الصيني جي لونج القائم بأعمال الرئيس بعد استقالة ابن همام رقبة الاتحاد للسويسري جوزيف بلاتر؛ الأمر الذي جعل الفيفا يخترق الكثير من الملفات الداخلية للآسيوي بموافقة من الصيني جي لونج، ودون علم أعضاء المكتب التنفيذي، نتج منه تحقيقات مستمرة تؤكدها مصادر خاصة للجزيرة، وأيضاً أكده الدكتور المدلج خلال لقائه مع قناة العربية بقوله: (أسعى لإغلاق ملفات كثيرة فتحها الفيفا)..!! ملفات الفيفا طالت، وما زال أعضاء بالمكتب التنفيذي بشكل سري؛ ما يعني أن مستقبلهم الآسيوي قد يضيع فيما لو أراد الفيفا تحوير أي سطر بتلك الملفات (مالية) كما فعل مع ابن همام؛ الأمر الذي سيجعل قيادات لها ثقلها بالانتخابات الآسيوية من الشرق والجنوب والوسط الآسيوي ربما تذعن لمسار الفيفا لإنقاذ الموقف، خاصة أن الأخير استطاع امتلاك معلومات مالية منذ العام 1980م جعلها صيداً ثميناً لامتلاك القرار بهذا الاتحاد المنهار حالياً بشكل خطير. الموقف السعودي المتزن والحكيم حتى اللحظة يؤكد أن مرشحه الدكتور حافظ المدلج سيخوض الانتخابات وحده من الغرب الآسيوي بحسب ما خُطط له، وإن كان هناك مستجدات طارئة لا تحقق الهدف فلن يتقدم المدلج إطلاقاً، وهو ما جعل مصادر الجزيرة تؤكد أن السعودية لن تغامر إطلاقاً إلا إن كانت تضمن وصول المدلج للكرسي الآسيوي بسهولة؛ لأنها تعرف تبعات الهزيمة الانتخابية..!! قراءة جغرافية انتخابية وبقراءة فاحصة للتوزيع الجغرافي للقارة الآسيوية كروياً نجد أنها تتكون من أربعة اتحادات على النحو الآتي: 1-اتحاد غرب آسيا، يرأسه الأردني علي بن الحسين، ويتكون من ثلاثة عشر دولة، هي (الإمارات-السعودية -العراق- البحرين- الأردن - الكويت - اليمن-فلسطين -سوريا - قطر - عمان - لبنان). 2-اتحاد شرق آسيا يرأسه الكوري الجنوبي تشونغ يون تشو، ويتكون من عشر دول، هي (الصين- اليابان- جوام- هونج كونج- كوريا الشمالية- كوريا الجنوبية- ماكاو - منغوليا- الصين تايبيه)، إضافة إلى جزر ماريانا الشمالية عضواً مؤقتاً. 3- اتحاد الآسيان، يرأسه الماليزي سلطان حاجي أحمد، ويتكون من اثنتي عشرة دولة، هي (أستراليا- بروناي- كمبوديا -إندونيسيا -لاوس -ماليزيا - ميانمار -الفلبين - سنغافورة - تايلاند - تيمور الشرقية - فيتنام). 4- اتحاد الجنوب والوسط الآسيوي، يرأسه كازي صلاح الدين، وتكون من ثلاث عشرة دولة، هي (أفغانستان - بنغلادش - بوتان- الهند - إيران - قرغيزستان - المالديف - نيبال - باكستان - سريلانكا - طاجيكستان - تركمانستان - أوزبكستان). تركيبة تلك التوزيعات الجغرافية أفرزت إعلاناً صريحاً لدول اتحاد الآسيان باختيار التايلاندي واراوي ماكودي، وهو ما يعني اتجاه 11 صوتاً - إضافة إلى صوت تايلاند - لمرشح واحد بالإجماع؛ لتبقى ثلاثة عشر صوتاً عربياً غرب آسيا من المؤكد أنها ستذهب لصالح المرشح التوافقي. وفيما لم يتم التوافق في غرب آسيا فإن الأصوات ستتشتت، وغالباً ما سيحظى السركال بالأفضلية، ويأتي بعده المدلج، ثم الخليفة. وفيما تم التوافق سيذهب 11 صوتاً مضمونة لصالح المرشح التوافقي، فيما لا ضمان لصوت الكويت ولا سوريا فيما لو تم اختيار المدلج ممثلاً للغرب الآسيوي. شرق القارة ينتظر إعلاناً رسمياً من الصيني جي لونج، يتضمن تقييم استمارة الترشح نهائياً؛ ليتخذ قراره، وغالباً ما سيكون صوت الشرق لمرشح شرق آسيا، وإن لم يتقدم جي لونج للرئاسة فمن المؤكد أنه سيتقدم لعضوية الفيفا، وعندها سينحاز الشرق للمرشح التايلاندي فيما لو ضمن لهم أصوات الآسيان. جنوب ووسط آسيا يتزعم صوته الانتخابي السيرلانكي مانيلال فيرناندو، الذي يمسك بزمام أكثر من سبعين في المائة من أصوات اتحاد الجنوب والوسط (13 دولة)، لكنه واقع بمطب تحقيقات الفيفا المالية؛ ما يجعله حذراً في اتخاذ أي موقف يحالف توجهات بلاتر؛ ما يعني أن أي وعود بحل إشكالية التحقيق الدولي بملف لجنة التقييم سيكون لها الأثر بموقفه، فيما الأصوات الأخرى تتوزع بحسب التوجه السياسي تماماً كاتحادات دول أفغانستانوباكستان وبنغلاديش وتركمانستان. الأيام المقبلة يمكن أن تشهد توافقاً شرق آسيوي مع المرشح التايلاندي لرئاسة الاتحاد الآسيوي، على أن يترك الصيني المجال ليتجه لترشيح نفسه لمنصب عضو اللجنة التنفيذية بالفيفا؛ ما يعني حصول واراوري وجي لونج على اثنين وعشرين صوتاً مضموناً للمنصبين، ويحتاج لصوتين من أصل أربع وعشرين صوتاً لإعلان الفوز، وهو أمر سهل جداً، وإن تم فقد ينسف كل المخططات الغرب آسيوية، ويجعل الموقف يزداد صعوبة، ولاسيما أن الفيفا بقيادة بلاتر يدعم استمرار اللاعبين من شرق آسيا ضماناً لعدم رجوع الآسيوي لقوته التي بناها محمد بن همام حتى وصلت الطموحات الآسيوية لكرسي رئاسة الفيفا، وهو نذير خطر قادم على بلاتر ورفاقه.