ربطتني علاقات كثيرة بشخصيات بارزة، اجتماعية واقتصادية وسياسية، رسخ في الذاكرة نفرٌ قليل منهم، وأحسب أن سبب ذلك معايير وضعتها، ربما تكون مصيبة، وربما تكون مخطئة، فرضتها على اختياري لهؤلاء. أكثر هذه المعايير حضوراً وتأثيراً دماثة خلق الإنسان. من هذه الشخصيات التي بقيت راسخة في ذاكرتي ومحباً لها قلبي صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز، أمير التواضع والابتسامة المشرقة، أمير المحبة الصادقة النابعة من قلب نظيف طاهر. قبل ما يقرب من خمسة وعشرين عاماً اتصلتُ به وأنا الصحفي الصغير راغباً في إجراء مقابلة معه، فكان تجاوبه مباشراً ودون أي تردد. حزمتُ حقائبي، وتوجهت صوب حائل؛ حيث كان أميراً لها. نزلت في فندق المدينة الوحيد آنذاك، ومن ثم توجهت لديوان الإمارة، ومن دون أي تعقيدات دلفت مكتب سموه، ففاجأني بقيامه من خلف مكتبه، والسير صوبي ومعانقتي معانقة حارة، وكأنه يعرفني منذ الصغر. كان لهذا التصرف من سموه أكبر الأثر في أن يكون الحوار مع سموه أريحياً صادقاً واضحاً. كان سؤاله أول ما جلست: أين سكنتم؟ فلما عرف نادى مدير مكتبه طالباً منه إبلاغ الفندق بأننا ضيوف على سموه. دار الحديث عن حياة سموه، فكان صريحاً واضحاً، يتكلم بعفوية مطلقة. أتذكر مما قال عن حائل إنها منطقة تزخر برجال يفتخر الإنسان بأنهم يعملون معه، وأنه يعمل من أجلهم. صراحة سموه ووضوحه ملكتاه قلوب الناس، فكان انتقاله من منطقة حائل بعد تعيينه أميراً لمنطقة المدينةالمنورة كبيراً على الحائليين، بل كان كبيراً على الأمير نفسه، وقد صرح بذلك أكثر من مرة. وكانت المدينة على موعد مع أمير، يجوز لي أن أسميه أمير النقلة النوعية لهذه المدينة المشرفة، مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فكان عمله نوعياً، حقَّق لهذه المنطقة المهمة نقلة مختلفة، ليس على مستوى البنية التحتية فحسب، وإنما على المستويات كافة؛ فكانت المدينةالمنورة أول مدينة في المملكة تطبق الحكومة الإلكترونية؛ ما كان له أكبر الأثر في الإنجاز. كان خبر تعيين سموه نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء مبهجاً للمواطن؛ لما يعرفه عن سموه من حب للتميز والإنجاز؛ لذا فإنني أقول: أعانكم الله يا سمو الأمير على هذه التطلعات الكبيرة من شعب هذه البلاد العزيزة عوناً وسنداً لقائد البلاد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وأنتم - بلا أدنى شك - أهلٌ لها؛ فالمسؤولية كبيرة أمام الله أولاً وأمام ولي الأمر والشعب ثانياً، ولا يمكن لرجل عادي أن يتبوأ هذه المسؤولية العظيمة، سدَّد الله خطاكم في دروب الخير. ربع قرن يفصلني عن أول لقاء مع سمو النائب الثاني يجعلني اليوم مسروراً بما أعرفه عن هذه القامة الجميلة الواعية المنتجة، هذه الشخصية التي كما قلت في مستهل هذه المقالة إنها من الشخصيات القلائل الراسخة في الذاكرة بجمال أخلاقها وسمو فكرها. والله المستعان. [email protected] تويتر: @almajed118