قبل أكثر من 14 سنة فشلت في إعداد وصناعة أول تقرير تلفزيوني سأخرج فيه بالصوت والصورة عبر إحدى القنوات العربية، تعلّمت حينها درساً مهماً لازال ملازماً لي حتى اليوم؟!. القصة بدأت بفكرة قمت بتصويرها، ثم كتابة النص اللازم لها، وبعد ذلك تركيب الصور الملائمة عبر إحدى الشركات السعودية للإنتاج الفني، القناة حدّدت وقت العرض لهذه المادة في نشرة الأخبار الرئيسة، وكانت هناك زميلة تدعى (صفا) تتابع معي عبر الهاتف خطوات العمل ومحتوى القصة، وتحثني على الإسراع في التنفيذ، وتردّد عبارة لازلت أذكرها جيداً: بُص يا فهد.. عاوزينك تكسر الدنيا النهار ده.. يا لله يا بطل!. بذلت كل ما أستطيع، وحاولت تطبيق ما تعلمته أكاديمياً، وما حصلت عليه من خبرات تدريبيه في بعض المحطات الفضائية في ذلك الوقت، ولكن هناك شيء رئيس كنت افتقد إليه هو (استقلال الرأي) في صناعة القصة، لأني كنت (سميع من الطراز الأول) كل رأي يؤثر على الفكرة التي أقوم بإعدادها، لأنقضها وأعيدها من جديد؟!. تارة أغيّر الصورة، وتارة أغيّر حديث الضيوف، كل هذا حسب رأي من يشاهدون معي في غرفة (المونتاج) التي استأجرتها لهذا الغرض، وليس بحسب رأيي؟! والست صفا بتتصل: فيه إيه يا فهد؟ (مت يا لله بينا)؟! فيه حجز باسمك في التلفزيون السعودي لإرسال المادة بسرعة يا ابني النشرة على الأبواب!. أنجزت المطلوب وإن كان في الحقيقة ليس (فكري) أو قصتي التي أردت صناعتها سابقاً، وصلت التلفزيون وأنا ألهث بسبب الركض لحقن المادة.. الشريط بيدي وكأنه شهادة دكتوراه.. صفا لا تجيب على اتصالاتي؟! فقط يتردّد صدى صوتها في أذني (حتكسر الدنيا) يا فهد؟!. عندما تم الاتصال بالمحطة عن طريق (التلفزيون) لحقن المادة، كانت الإجابة صادمة ومحطِمة بالنسبة لي..!. يقول الطرف الآخر على الهاتف: النشرة انتهت ومش عاوزين حاجة!. دفعت كل تكاليف تنفيذ العمل من حسابي ولم يعرض التقرير في أي محطة، وتفرّجت على المادة مع بعض أصدقائي الذين أتحفوني بآرائهم أيضاً.. لو كنت عملت كذا أفضل.. لالالا كذا أفضل!. لقد تعلّمت الدرس جيداً!. انظر حولك.. الفاشلون فقط لا يملكون قراراً مستقلاً، فهم ينفّذون ما يفكر به غيرهم، ويتحمّلون مسؤوليته!؟ وعلى دروب الخير نلتقي. [email protected] [email protected]