كتبت هنا الأسبوع الماضي عن مستقبل القناة الرياضية بعد تعيين الدكتور محمد باريان مديراً لها, وعن ضرورة أن تعمل باحترافية وعناية واهتمام بما تبثه من برامج ومواد, وبمن تستضيفهم من أجل أن يكونوا إضافة نوعية ومعرفية وتوعوية مفيدة للمتلقي لا أن ينشروا الإيذاء والاحتقان والتعصب, وقبل ذلك كنت وعدد غير قليل من الزملاء قد تطرقنا مراراً وحذرنا تكراراً من تصاعد التجاوزات والإساءات في كثير من المطبوعات والقنوات, بعد أن تحولت إلى ساحة صراعات سخيفة وتصفية حسابات شخصية, بحثاً عن إثارة فارغة على حساب رغبة وعقلية واحترام المتلقي, وهذا بالضبط ما دفعنا في فترات سابقة إلى التحذير من ممارسات وأجندات اعتمدت عليها برامج في قنوات غير سعودية, قبل أن تنتقل بأسلوبها ومضامينها إلى قنوات ومطبوعات سعودية, ها هي الأحداث تكشفها على حقيقتها وتثبت تورطها وبلوغها مرحلة التدهور مهنياً وأخلاقياً.. تأكيد وتأييد ما تقدم جاء أخيراً وبعد أن نفد الصبر وبلغ السيل الزبى على لسان وبموجب قرار معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة بإيقاف إحدى الصحف المحلية وإقالة رئيس تحريرها, وهو قرار يفسر ويبررموقف معاليه وتذمره وإلمامه بفداحة وخطورة ما يجري بقوله: هنالك صحف وقنوات رياضية سعودية وغير سعودية خرجت عن الأخلاق والقيم الإسلامية والعادات والتعرض لكرامة الأشخاص وإنسانيتهم, وستتخذ الوزارة الإجراءات التي تحفظ للإعلام عموما والرياضي خصوصاً منهجيته ومهنيته وللإنسان كرامته وحقوقه المادية والمعنوية.. نعم لا أحد عاقل مسئولاً كان أو مواطناً يقبل لنفسه ولأسرته ولمجتمعه ولوطنه مشاهدة مثل هذه الأطروحات المسيئة والمزعجة والخادشة للحياء, والمدمرة لثقافة وعقول ووعي الناس, فجاء تدخل معالي الوزير ليضع حدا لهذا العبث عبر إجراءات رسمية رادعة وحازمة وشاملة لا تستثني أحداً, وهي خطوة رائعة في الاتجاه الصحيح, تتطلب دعمها ومباركتها من الجميع, وأنا هنا أتطلع إلى جميع الزملاء في الصحف الورقية والإلكترونية والبرامج والقنوات الرياضية لتحمل المسئولية والأمانة ومراعاة الله أولاً ثم الوطن وشرف المهنة ثانياً.. لا يردكم إلا الفيفا لو تعرض ناد أو لاعب أو حكم أو إداري أو مدرب لظلم أو قرار تعسفي أو إجراء خاطئ من اتحاد الكرة أو اللجان التابعة له فماذا يصنع وإلى أين يتجه ولمن يشتكي ومن ينصفه؟ وهل صارت الأمور تدار على طريقة (إذا كان خصمك القاضي فمن تقاضي)؟! تحدث كثيراً ازدواجية في القرارات, فتستفيد منها أطراف لتلحق الضرر بأخرى, ولأنها لا ترتكز على لوائح وأنظمة وقوانين فمن الطبيعي أن تحكمها الأهواء والأمزجة والعواطف وتتلاعب بها الاجتهادات, وبسببها تهدرحقوق وتضيع مصالح, الأسوأ من ذلك أن الإنصاف وأحياناً الاستثناءات والتسهيلات تكون من نصيب الأكثر ضجيجاً والأعلى صوتاً, لذلك وحتى لا نستمر في دوامة الفوضوية, ولإيقاف تناميها أنصح كل من تعرض لظلم من اتحاد الكرة أو إحدى لجانه أن يرفع قضيته للاتحاد الدولي (الفيفا) فلديه الحل الشافي والقرار العادل, كما أنه مسلك قانوني وحضاري أجزم أنها سيجبر الاتحاد ولجانه على ترتيب أوراقهم وتنظيم أسلوب إدارتهم وآلية قراراتهم.. أتذكر في هذا الشأن ما صرح به خبير قانوني معتمد من الفيفا أستضيف من دبي في برنامج مساء الرياضية, وقوله: إن الاتحاد الدولي لن يتدخل في قضايا وقرارات الاتحاد المحلي إلا في حالة وجود شكوى من أحد الأندية التابعة لهذا الاتحاد, فما الذي يمنعكم؟ فرصتكم, جربوا, خذوا حقكم, اقتدوا بالأندية والمدربين واللاعبين غير السعوديين.. هل حضر النصر؟ كنت دائماً وإلى وقت قريب وتحديداً بعد إخفاق المنامة أؤكد على أهمية عودة النصر ليكون منافساً قوياً ومحفزاً للهلال ولعموم الفرق, وعنصراً رئيساً ومؤثراً إيجابياً وداعماً فنياً للمنتخبات السعودية, إضافة إلى تأثير ذلك على أجوائه الإدارية والجماهيرية والإعلامية في التعامل مع نفسه ومع الآخرين.. فوزه الثمين الأخير على الهلال لم تكن قيمته فقط معنوية أو لأنه كسر الاحتكار الأزرق, أو لكونه أضاف ثلاث نقاط غالية لرصيده وفي مشواره نحو رباعي المقدمة, وإنما لأنه جسد بوضوح ما كان يفتقده في السنوات الأخيرة, حيث البذل والعمل الجاد والتخطيط السليم والتفرغ للارتقاء بالفريق وهذه مجتمعة انتجت أمام الهلال وفي اللقاءات التي سبقته هكذا تقدم وتطور مستوى ونتيجة وإقناعا لجماهيره ومنافسيه, كما فضح ثقافة وأكذوبة إسقاطه والتآمر عليه وغيرها من النظريات المحبطة والمستخدمة من قبل أطراف نصراوية ظلت فيما مضى تروج لها لتغطية فشلها وعجزها عن الوقوف مع النادي ومؤازرته.. نريد أن يعود النصر بطلاً ومصنعاً للنجوم وكبيراً بمنجزاته, نريد من مسيريه ومحبيه التخلص من السياسة القديمة والتفرغ لبناء نصرهم الجديد بعطاء سخي وبرؤية نابهة وفكر مختلف وقبل ذلك بفهم واقعهم والاعتراف بأخطائهم وتشخيص مشاكلهم وإدارة شئونهم دون الدخول في سجالات كلامية لا طائل منها سوى المزيد من التأزيم والتصعيد والعودة من جديد إلى نقطة الصفر.. [email protected]