أكد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الثالثة بالرياض بزيادة رؤوس أموال المؤسسات المالية العربية والشركات العربية المشتركة القائمة بنسبة لا تقل عن 50 % جاءت من أجل دعمها لتمكينها من توسيع أعمالها وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع التزام المملكة بدفع حصتها في الزيادة التي يتم الاتفاق عليها. جاء ذلك في بيان استهل سموه به المؤتمر صحفي المشترك الذي عقده أمس في ختام أعمال القمة بفندق الريتز كارلتون بالرياض، بحضور معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، ومعالي الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي. وفيما يأتي نص البيان: بسم الله الرحمن الرحيم. أود بداية أن أرحب بكم جميعاً في العاصمة الرياض. بحمد الله تعالى اختتمت أعمال الدورة الثالثة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وتكمن أهمية هذه الدورة في أنها تأتي بعد ظروف وأحداث ومتغيرات شهدتها الساحة العربية على مر العامين الماضيين، وهي ظروف لا يمكن إغفال جوانبها التنموية والاقتصادية والاجتماعية، ومن هذا المنطلق حرصت القمة على أن تكون قراراتها في مستوى طموحات الشعوب العربية، وهو أمر يمكن تحقيقه - بمشيئة الله تعالى - إذا ما توافرت الجدية والمصداقية في تطبيق هذه القرارات. وفي سياق الدفع بجهود التنمية العربية وتحقيق المنفعة المباشرة والآنية للمواطن العربي حرص خادم الحرمين الشريفين على التقدم بمبادرته لزيادة رؤوس أموال المؤسسات المالية العربية والشركات العربية المشتركة القائمة بنسبة لا تقل عن 50 %؛ من أجل دعمها لتمكينها من توسيع أعمالها وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع التزام المملكة بدفع حصتها في الزيادة التي يتم الاتفاق عليها. ومن شأن هذه المبادرة توفير ما يزيد على عشرة مليارات دولار إضافية للمؤسسات المالية والشركات العربية المشتركة لتعزيز دورها في تمويل المشاريع الحيوية ذات البُعد الاستراتيجي العربي، والمشاريع التنموية الوطنية، التي تصب في تلبية الاحتياجات المتزايدة من السلع والخدمات التي يحتاج إليها المواطن العربي، وتوفير المزيد من الفرص الوظيفية. فيما يتعلق بالقرارات التي اتخذتها القمة، والتي سيتم نشرها، فقد حرصت على التعامل مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال أربعة محاور رئيسة: المحور الأول: التعامل معها من منظور شامل في إطار تفعيل ومتابعة مسيرة التكامل الاقتصادي، والسعي نحو إزالة المعوقات التي تعترضها، بما في ذلك استكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة، وإتمام متطلبات الاتحاد الجمركي. المحور الثاني: العمل على استثمار الموارد البشرية والطبيعية ورؤوس الأموال التي يزخر بها عالمنا العربي على نحو أمثل، وعلى أساس المنفعة المتبادلة، ومن خلال تسهيل حركة الاستثمارات ورؤوس الأموال وتعزيز دور القطاع الخاص كشريك رئيس في التنمية. المحور الثالث: العمل على تطوير صناعة محلية مستدامة ورائدة في مجال الطاقة المتجددة وتشجيع الاستثمارات ودور القطاع الخاص في مشروعاتها، وصولاً إلى تحقيق أهداف بناء سوق عربية للطاقة المتجددة. المحور الرابع: وهو محور مهم يتعامل مع صحة المواطن العربي باعتباره محور الارتكاز والهدف الأساس للتنمية، ومن خلال تكثيف الجهود الوطنية الرامية للحد من انتشار الأمراض غير المعدية التي للأسف الشديد وصلت إلى معدلات مرتفعة، وشكَّلت نسبة عالية لعدد الوفيات، وهدرت الإمكانيات. ختاماً أدعو الله عز وجل أن يكلل هذه الجهود بالتوفيق والسداد لما فيه خير أمتنا وشعوبنا العربية. وتلا معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية، إعلان البيان الختامي، مبينًا أنه اشتمل على عدة موضوعات، منها الاستثمار في الدول العربية من خلال موضوع الاتفاقية الموحدة المعدلة، واستثمار رؤوس الأموال العربية، وزيادة الاستثمارات، ورفع العوائق، بالإضافة إلى الإستراتيجية العربية، وتطوير استخدام الطاقة المتجددة من 2010م إلى 2030م التي تتميز ببعد النظر وخطة مستقبلية هامة. ولفت معاليه إلى أن موضوع الاتحاد الجمركي العربي، حظي باهتمام القادة العرب، حيث أكدوا تصميمهم على استكمال متطلبات للتجارة الحرة العربية، وتحديد ذلك قبل نهاية عام 2013م. بعد ذلك أجاب سمو وزير الخارجية على أسئلة الصحفيين، مستهلاً إياها بالإجابة على سؤال حول تطبيق توصيات القمة ومدى جديتها، أوضح خلالها أن العبرة في القرار هي التنفيذ، والتنفيذ لا يأتي إلا بالمصداقية والجديّة في التعامل مع القرارات التي تتخذ والمتابعة لها، مؤكداً سموه أن لجنة المؤتمر ستتابع قرارات هذه القمة، وستبذل كل الجهد لإقناع من هو ملتزم بتنفيذ ما التزم به، وجهاز الأمانة العامة للجامعة العربية سيكشف جوانب القصور في عدم الالتزام من خلال متابعة دورية للأشياء التي نفذت والتي لم تنفذ، دون فرض أي آليات معينة. وتحدث سموه عن ضمان المشاركة المتساوية في دعم صندوق التنمية العربي، قائلاً: إن الجديد في مؤتمر القمة التنموية العربية أنه لم يتحدث عن الدول الداعمة للصندوق، بل تحدث عن الدول المنتفعة منه، ويجب أن نقر أن ضرورة الانتفاع هي متساوية بين الدول العربية، داعيًا سموه الدول المنتفعة بتغيير بعض أساليب تعاملها مع الوضع التجاري مع الدول العربية، لتسهيل التبادل التجاري، حيث إن الكل يعترف بهذه التعقيدات التي تحول دون انتشار السلع العربية في العالم العربي. وعن تحقيق دعم شبكة الأمان المالية العربية المتفق عليها لدولة فلسطين خلال قمة بغداد التي تعهدت بها الدول العربية، أفاد سمو وزير الخارجية، أنه اتفق خلال القمة التنموية العربية على ضرورة أن تلتزم الدول العربية التي أعلنت موافقتها عن دعم الفلسطينيين على دعمها، موضحًا سموه أن الأسلوب الوحيد في ذلك المجال هو أن يتم دعوة الدول التي وافقت على الدعم في تسديد مساهمتها هذه، وتحوّل الأموال عن طريق البنك إلى دولة فلسطين من أجل حل الأمر. وفيما يتعلق بالتكامل العربي في ظل وجود تفاوت في اقتصادات الدول العربية، قال سموه: أعتقد أن الذي حصل في ثورات الربيع العربي في الجانب الاقتصادي والاجتماعي في مسبباته لا بد أن يكون الدافع له، وقد كان نتيجة حتمية للتذمر الشعبي، لذا فمن البديهي أن يكون الدافع الأساس لها أن يتم إصلاح هذه الأوضاع, ومتى ما كانت هذه النظرة فإننا سنسير على الطريق الصحيح، كما جرى في الدول التي مرت بهذه الثورات، حيث أكدوا على التغييرات المنهجيّة والتنظيمية والمؤسسية لتتلاءم مع متطلبات التنمية الشاملة التي تسعى إليها الدول العربية، وفيما يتعلق بمعاناة البطالة في بعض الدول العربية، وإيجاد فرص العمل، أبان سمو وزير الخارجية، أن أهمية هذه القمة تأتي بعد ما يُسمى بالربيع العربي الذي كان من أهم مشاكله الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، بل وعدت المحرّك الرئيس للثورات التي قامت، وبالتالي المعالجة المطروحة لهذه المعاناة تنصب في هذا الجانب، مستشهداً سموه في هذا السياق، بما قامت به المملكة العربية السعودية مع مصر، حيث فتحت المجال لأكثر من 500 ألف عامل مصري للعمل بالمملكة، وهذا ليس بالشيء البسيط. وأفاد سموه أن الهدف من مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود خلال هذه القمة المتعلقة بزيادة رؤوس أموال المؤسسات المالية العربية والشركات العربية المشتركة القائمة بنسبة لا تقل عن 50%، تصب في زيادة المنتجات التي ستستوردها الدول العربية في التجارة فيما بينها، وزيادة الاستثمارات للدول المحتاجة. وحول تقريب وجهات النظر بين الجانبين المصري والإماراتي خلال أعمال هذه القمة، أكد سموه، أنه لم يُسمع عن ذلك من البلدين، ولم يكن هناك أي تدخل عربي، مبينًا أن القادة العرب لم يتعودوا التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، ولو كان هنالك مشكلة تحتاج لوساطة عربية، لأمكن ذلك، ولكن لم يحدث ذلك. وفي معرض الإجابة عن أوضاع الأزمة السورية، قال الأمير سعود الفيصل: إن الحكومة السورية رفضت أي حلول دبلوماسية لحل الأزمة، كما رفضت كل قرارات مجلس الأمن، وتدّعي أن كل المعارضين على أراضيها هم تنظيمات إرهابية، وقد خاب أمل الرياض أكثر من مرة تجاه محاولات للتدخل وإيجاد حلول سواء أكانت عبر دول مجلس التعاون الخليجي أو عن طريق الجامعة العربية أو مجلس الأمن أو حتى بشكل مستقل. وأبدى سموه حزنه الشديد تجاه الدمار الذي لحق بالعاصمة السورية دمشق، وتدمّر خلالها تاريخها العريق، داعيًا المجتمع الدولي ومجلس الأمن لسرعة إيجاد الحل المناسب للأزمة السورية في ظل التصعيد الدموي المتزايد ضد الشعب السوري. من جانبه أوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أنه يجب النظر إلى أي قرار يصدر, مشيراً إلى أن هناك تواريخ كما حدث مع نظام التجارة الحرة، وهو من حرص قادة الدول العربية على تنفيذها, لافتاً إلى أن هناك صعوبة في إيضاح موضوعات التنفيذ ونسبة الإنجاز ولكن المهم هو خطوات التنفيذ. وأضاف معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف من جانبه أن هناك خطوات مهمة نفذت في القرارات السابقة قد لا تكون بقدر الطموح، من أهمها صندوق دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة, مبيناً أنه حتى اليوم وصل الدعم الذي تمت الموافقة عليه لهذا الصندوق إلى «250» مليون دولار, وأن المساهمات في الحساب وصلت «1.200.000.000» دولار.. منها مليار دولار من المملكة العربية السعودية والكويت ب»500» مليون دولار لكل منها, إضافة إلى أنه بدأ بالخطوات الأخرى للبنية التحتية مثل سكك الحديد, بالنسبة لدول مجلس التعاون وهناك خطوات سارية بهذا الخصوص التي هي جزء في منظومة السكك الحديدية, بالإضافة إلى الخطوات من دول شمال أفريقيا في الربط بسكك الحديد. وفيما يتعلق بالربط الكهربائي أوضح معاليه أن هناك بحثاً بين عدد من الدول بهذا الخصوص بما في ذلك المملكة ومصر, وكذلك خطوات في الأمن الغذائي, وأن الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بدأ بتنفيذ توجيهات القمم السابقة في ما يتعلق بمشاريع الأمن الغذائي وكذلك الأمن المائي, لافتاً إلى أن هناك جدية في مؤتمرات القمة الاقتصادية ومتابعة مستمرة لما يتم تنفيذه على أرض الواقع, بالإضافة إلى الواقعية في القرارات, لافتاً إلى قيام المملكة بالإعلان عن دعم لعدد من الدول العربية منها: جمهورية مصر العربية حيث تم دعمها بمبلغ «3.750.000.000» دولار, وكذلك دعم تونس والمغرب والأردن، إضافة إلى أن عددًا من دول الخليج أعلنت عن دعمها لهذه الدول.