العراق الدولة يعيش أزمة حقيقية قد تفصل بين عهدين وبداية مرحلة جديدة تعتمد على كرامة المواطن العراقي الذي جاع وسجن ومرض متعرضاً لأبشع حملة وحشية من القهر والتعذيب وتحمّل هذا المواطن العربي المقهور وشد على جراحه بالصبر وعند إدراكه أن الإهانة القهرية بلغت شرف العرض من صنوف التعذيب الجسدي والاعتداء الوحشي على حرائر العراق هب بشجاعته المعهودة ووقف وقفة رجل واحد في ساحة الكرامة في الأنبار الأبية رافضاً كل الظلم والقهر والاعتداء على العرض وتراب الوطن وساندهم أشقاؤهم المظلومون في الموصل وصلاح الدين وكركوك وديالى وساندهم إخوانهم عشائر الجنوب والفرات الأوسط مؤيّدين مطالبهم المشروعة في إطلاق سراح النساء العراقيات المحجوزة حرياتهن والمهانات من قبل عملاء وخدم الفرس تحت عمليات مذلة من التعذيب الجسدي والمعنوي، ودعوة حكومة المالكي بإعلان العفو العام عن كل ضحايا المخبر السري والمادة الرابعة إرهاب والتي أصبحت سيفاً مسموماً بيد النظام المذهبي في المنطقة الخضراء على رقاب أحرار العراق الرافضين للاحتلال الأمريكي الإيراني الذي أذلّ شعب العراق وحطّم كرامته. وقابل المالكي هذه التظاهرات الشعبية بالتقليل من أهميتها وعمق تأثيرها الشعبي بالازدراء والتحقير بأهدافها الوطنية ووصفها بالفقاعة النتنة لجهله بأساليب الوطنية والقيادة البعيدة النظر. وجاء وصفه المزدري للانتفاضة الوطنية كالقشة التي ستكسر ظهر عهده وحكومته فتحوّلت هذه الانتفاضة المباركة إلى ثورة وطنية رفعت من سقف مطالبها إلى العمل على إنقاذ العراق ووحدته الوطنية بإعلان مطلبهم الجديد (بتغيير النظام) وعدم السماح لسياسي حكومة المالكي ووسطائها بالتفاوض باسمهم واختاروا فيما بينهم من رؤساء العشائر العربية ومراجع الدين الإسلامي هيئة عليا تمثّلهم وتنطق باسم ثورة الكرامة، وأعلنوا المرحلة الأولى من ثورتهم بالعصيان العام وشل حركة المؤسسات الحكومية حتى تستجيب حكومة المالكي لمطالبهم (جميعاً) دون تصنيفها لمشروعة وغير مشروعة وركّزوا على الحقوق السياسية وأهمها تغيير الدستور وإلغاء المادة الرابعة إرهاب وعدالة قانون المساءلة والعدالة الذي يطبّق بقسوة على مجموعة من الشعب ويتساهل مع الأخرى المؤيِّدة لنظام المالكي المذهبي الطائفي، والرفض التام لأسلوب الخداع والمماطلة بتشكيل اللجان الحكومية للنظر في مطالب المتظاهرين.. لقد بات من الواضح والمعروف لدى (كل) الشعب العاقي الصابر أن نظام حكم المالكي يسيَّر عن بعد وقرب بواسطة ملالي طهران وعملاء إطلاعات المعينين في ديوان رئاسة الوزراء العراقي وتحت تأثير هذه القوى أمر المالكي بغلق المنافذ مع الحدود الأردنية والسورية خشية من تدفق مجاهدي الجيش الحر السوري إلى الأنبار ومنها الإعلان عن جيش العراق الحر وبدأ عمليات العصيان المسلح ولم يجن هذا الإجراء المرتبك إلا زيادة حالة الغليان الشعبي بعد أن تعطَّلت مصالح المسؤولين عن تجارة المواد الغذائية بين الأردن والعراق وهو الشريان التجاري الوحيد لأسواق بغداد والمدن العراقية، وخشية قيام التظاهرات في بغداد العاصمة فقد رضخ المالكي لهذا الضغط الشعبي بإعادة فتح الحدود مع دول الجوار العربي. ولم تعط المماطلة وكسب الوقت التي نصح بها المستشارون في مجلس وزراء المالكي إلا غليان ثورة أهل الأنبار والموصل وصلاح الدين وديالى ورفع سقف مطالبها والإصرار التام على استمرارها حتى لو مضت على قيامها سنون عديدة لا شهر واحد وبتمويل أبناء العشائر العربية التي تقاسمت معيشة المتظاهرين وبكرم حاتمي مع نفي ادعاءات عملاء الحكومة بتلقي المتظاهرين لدعم مادي أجنبي لتشويه نزاهة مطالبهم بالعمالة للأجنبي. الأيام القليلة القادمة ستشهد تطوراً سريعاً للمشهد السياسي العراقي وستعطي هذه الصحوة الوطنية لشعب العراق الصابر الكرامة واستعادة حقوقه المسلوبة وتعود بغداد لأهلها وتندحر قوى الظلم والفتنة الطائفية إلى خارج حدود هذه الوطن الأبي الذي يصبر على الظلم والقهر وبعون الله سيجني ثمار صبره وقوة احتماله ليستعيد حريته وكرامته وعروبته، وحتماً آنذاك لا ينفع المالكي ندمه لوصفه هذه الثورة الوطنية شقيقة ثورة العشرين بالفقاعة النتنة وساعة لا ينفع الندم!! عضو هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية