في مثل هذه الأيام من كل عام تطغى هواية (أهل الولع والمقانيص) على ما سواها في نفوس محبيها، وهي رياضة أصيلة منذ فجر التاريخ ولها سيرتها الموثقة في المؤلفات العديدة الخاصة بكل تفاصيلها.. ونتناول هنا -فقط - جانباً منها حول وصف الصقر (الطير) في بعض نماذج الشعر الشعبي لكبار الشعراء المعروفين ومشاهيرهم، ومن جانب آخر نتطرق لما وصفته بعض نصوص شعرهم الجزلة لهذه الهواية التاريخية الأصيلة التي لا ينفك من تمكن منه ولعها الطاغي من الحنين الجارف إليها، ومن الوصف الدقيق للصقر -الطير - يقول الشيخ راكان بن حثلين رحمه الله: حُرٍّ سنا عينه كما نور مقباس أشقر كبيديٍ عريض الثنادي شبر لبانه لا برق الريش نكَّاس يفرح به القناص حِلْ الهدادي ويقول الشاعر عبد الله بن عون: أنا كل ما جت نقلت الطير أصابني لهيبٍ بجوفي ما تفتّر وقايده ولا يبرده عنّي ليا منّه استعر سوى نقلت اللي صاملاتٍ هدايده ليا شاف له جولٍ على البعد حرّكه صوت المهوهي من مذاري عرايده أخذ له خضيرا الجو بقياس وانحدر وعطا الخرب راسه والدجاج امتحايده إن ناطحه حوّل عليه وتفرّشه وإن طار مقفي ما طياره بفايده ويقول الشاعر عبد الرحمن العطاوي: واطيري اللي ما يتاوق ليا شاف اليا قطع بالطلع تلّ وعطيته وان كوبر الحفّال ماهوب خوّاف والطايره ما قط عنها دعيته أجرد طويلٍ عاتقه واف الاطراف أبيض نحر واشقر إليا ما قفيته جبر الثنادي كاملٍ كل الأوصاف ما بان ما في معلفه لو مليته هجرٍ كراعه جبر واكفوفه اجلاف شفته ومن عشرين طير انتقيته إلى أن قال: إليا ضربها فالسما طاحت انصاف تنكّست واهوت على الأرض ميته من دمّها على سراويله ارعاف من مضربٍ كنّك بحدٍ فريته أيضاً.. لطالما ورد اسم الصقر في الشعر الشعبي في قصائد المديح وتحديداً في وصف الممدوح بكل الصفات النادرة كعزة النفس، والشجاعة، وعلو الهمة، والارومة الزكية الاصيلة، كذلك فإن قصائد الحربيات (العرضة السعودية) احتوت على العديد من هذا الأنموذج من الشعر الذي يربط صفات المشبه بالمشبه به، ويمتد لما سوى ذلك في علم البيان وعلم البديع وعلم المعاني في كل شأن، يقول شاعر الحربيات (العرضة السعودية) المعروف فُهَيِّد بن دَحَيِّم -رحمه الله -: منِّي عليكم ياهل العوجا سلامٍ يزيد واختص ربعٍ بالمراجل تظهر حقوقها (فروخ الحرار اللِّي تَطَلَّع في نهار الهَدِيْد) من نسل أبو تركي شبوب الحرب بسبوقها ولأن الصقر أثير على من يعتد به ويبادله صفات الأنفة فإنه - في المقابل - يستأثر ببوح خاص... يقول الأمير الشاعر خالد الفيصل: يا صقر واهنيّك لك جناحٍ تطير لَى طرى لك نزعت وطرت يم الهوا بين قلبي وبينك فرق والله كبير لَى كفخت انطلقت ولَى كفخت التَوى أنت حايم وانا بالقاع دوبي أسير في صحاري زماني ذيب ليلي عوى فوق جوّك سحاب وحدر جوّي هجير القدم فوق رمضا والخفوق اكتوى الحذر يا صقر لا يشبكونك أسير ويل صقرٍ يتلّه مربطه لَى نوى برقعته الليالي فوق وكرٍ صغير عقب صفقة جناحه بالهوا لى اهتوى كل حُرٍ إلى ضاق انتهض للمطير حومته بالسّما ساعه لقلبه دوا واعَذاب الجناح اللّي يجرّه كسير كلّما فزّ مكسور انّواهض هوَى وفي شعر الغزل تكرر في الشأن نفسه في هذا - الغرض - من أغراض الشعر وصف عيون المحبوب وعلى - سبيل المثال لا الحصر - ما قاله الشاعر أحمد الناصر الشايع: ألا يا عيون اللي كفخ وانقطع سيره تلقَّا الخلا واقفا يرف الجناحيني