والاختبارات المدرسية بدأت تنسحب فاسحة المجال أمام انتظارات العطلة الفصلية تبرز ظاهرة ملفتة للانتباه ومخسرة للمال والجهد والطاقة وملوثة للبيئة في نفس الوقت هي ظاهرة تمزيق وإلقاء الأدوات المدرسية في شوارع المملكة دون مراعاة لما في هذه الأدوات من معارف أو حتى احتراماً لجهد فصل كامل من الدراسة. هذه الظاهرة التي تحتاج من علماء الاجتماع اهتماما أكبر لأنها تعكس علاقة المتعلم بالدراسة هذه الأيام وربما تختزل موقفا يفهم من عب أكداس الأدوات المدرسية التي أثقلت كاهله حمل وكاهل ولي أمره ماديا قبل ذلك، وإذا كان أبناؤنا قد بدؤوا برمي ما مزقوا من أدواتهم المدرسي الورقية بعد الامتحان فإن الشعب الياباني استقبل الفصول الدراسية للسنة الحالية برمي الأدوات المدرسية الورقية ولكن في مشهد احتفالي معبر بإحدى مدارسهم إذ تجمعوا في كل منافذ الرؤيا الطليقة لمدرستهم وقاموا بإلقائها من الشرفات والنوافذ، هم في الحقيقة ألقوا أوراقا بيضاء غير مكتوبة لأن هذا الشعب يجلّ فعل الكتابة الذي كنا سباقين إليه ورموا بها ترميزاً على أنهم وصلوا إلى درجة من التطور تغنيهم عن أكداس الورق وأدوات مدرسية، أثبت الطب أنها تؤثر سلبا على استواء العمود الفقري للطفل وتؤثر سلبا على تعلقه بالدراسة كما تستنزف في حملها جهدا هو في أمس الحاجة إليه للتركيز والانتباه. فرحة الطلاب اليابانيين لم تكن مجانية وإنما لشعورهم بنخوة السبق في هذا المجال بالرغم من تقهقر ترتيب اليابان العالمي في هذه الصناعات لفائدة الصين. اليابان التي بدأت تستعد لتوديع عصر الكمبيوتر المكتبي والمحمول إلى عهد الأقلام الذكية والكتب الإلكترونية والحاسب الليزري حريصة على أن يكون الأيباد حاضرا في كل مدارسها معوضا لكم هائل من الكتب والورقية والكراريس وغير ذلك. وبحسب مركز» يانو» الياباني للأبحاث في طوكيو فإن عمر الأدوات المدرسية الورقية الافتراضي في اليابان لا يتجاوز السنوات المحدودة وهو ما أكده نيكولاس نيغروبونتي مؤسس «كمبيوتر محمول لكل طفل» والخبير في مجال التكنولوجيا محددا المدة بخمس سنوات. مسألة فرض الآيباد في مدارسنا الحكومية والأهلية تعد مسألة وقت لا غير لتوفر الأرضية المادية لها بعد تجاوز بعض المعيقات كالخشية على الهوية لدى الطفل والخوف من أن يصبح الآيباد حمالا للألعاب الإلكترونية إلى الفصل وفي واقع الأمر قطار المعاصرة لا ينتظر أحداً والحداثة تغزو من تَوَارُبَاتِ التردد. ولكن بحضور مقولة أنا الآن هنا ولا للتقليد الأعمى السلبي والمؤدي إلى استيلاب الطالب وإنباته سوف لن نشهد هذا المشهد المهين للجهد والمعرفة والمؤذي لجمال المكان.