كانت تركز بصرها وهي مبتسمة في مكان واحد لساعات وساعات لأول مرة رأيتها العام الماضي وكنت أتعجب من ابتسامتها التي لاتفارق وجهها، فتاة في المرحلة الابتدائية جميلة الوجه جدا وابتسامتها المشرقة تزيدها جمالا وهدوؤها يبعث في النفس السكينة... كنت أعمل على جهازي وأسترق النظر لها مرة تلو أخرى وبحكم انشغال الزميلات في المكتب بإجراء مسابقة الأمير نايف بن عبدالعزيز- رحمه الله- لحفظ السنة النبوية المطهرة لم يسمح لي الوقت للسؤال مبكرا عن هذه الفتاة وسبب ابتسامتها الغريبة ولكن فضولي لم يمهلني أكثر من ثلاث ساعات وما لبثت أن سألت صديقتي في العمل وقبل أن تبادر بالإجابة سمعت الأخوات في اللجنة القائمة بإجراء المسابقة ينادون عفيفة وإذ بالمرافقة لها تمسك بيدها وتقودها للحجرة وحينها أجابت صديقتي إنها كفيفة وحضرت للمشاركة في المسابقة، لم أتمالك نفسي فذرفت عيني وأنا أشاهد ذلك المنظر، كل ذلك الإشعاع والنور في عينيها وهي كفيفة (سبحان الله)- انه حقا النور الذي كنت أسمع عنه انه نور البصيرة نورالايمان نور القرآن نور سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام تبدد عجبي وزالت كل علامات الاستفهام التي كانت مؤشراتها ترهق عقلي بالتساؤلات لأنها بالفعل فتاة لافتة للانتباه ورغما عن كل من يمر بصالة الجلوس لابد وأن ينظر إليها فبريق نور عينيها يملأ المكان، إنها إرادة عفيفة الكفيفة شدت من عزمها وأيقظت حماسها ولم تمنعها من حفظ سنة وهدي الحبيب - هنيئا لها هذا الإيمان وهذه العزيمة وهنيئا لها تلك الإشعاعات الإيمانية التي تنطلق من عينيها ماشاء الله لاقوة الا بالله تبارك الرحمن في علاه. - هاهي الآن عفيفة الكفيفة تشارك في مسابقة الأمير نايف بن عبدالعزيز لهذا العام وكنت أترقب مشاركتها لعلي أحظى برؤية ذلك النور مرة أخرى فنور الإيمان أخاذ وآسر حضرت عفيفة وهذه المرة أجلستها صديقتي بالمكتب الذي أجلس فيه وأحضرت لها كوب ماء سبحان الله رغم صغر سنها مكتلمة الحجاب الذي زاد وجهها جمالا انه السمت والسكينة والهدوء الذي يجعلك تحلق معها في رحابها الخاصة بها نفس الابتسامة الجميلة التي تملأ محياها الابتسامة التي أسمع عنها إنها تعلو وجوه المؤمنين..تقدمت للجنة أدت ماعليها وغادرت وقلوب الجميع تدعو لها بالتوفيق ولكن عفيفة لم ينلها الفوز في الترشح لهذا العام أيضا ولعل ميزان حسناتها هو الأرجح عندالله - كرمت عفيفة في العام الماضي بجهود ذاتية من رئيسة القسم بالتوعية الاسلامية جزاها الله خير الجزاء فهل ستنال حقها في التكريم على مستوى أعلى - لا أظن أن أمثال عفيفة يحرصون علىحيازة الألقاب في الدنيا ولكنها تسعى جاهدة لنيل رضا الله محققة مبدأ التنافس الإسلامي الحقيقي التنافس لله وفي الله في قوله تعالى: (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) سورة المطففين - أحيانا نعجز عن وصف الأشخاص الوصف الذي يليق بهم وهذا هو ما أشعر به الآن بالضبط حيث تدور بخلدي الكثير من التساؤلات كيف؟؟ ومتى؟ ومن؟ ومن أين؟ - كيف استطاعت التحلي بهذه الإرادة وكيف تحررت من عجز الإعاقة البصرية وكيف أهلت نفسها لخوض تجارب مثل هذه تجارب مواجهة الناس تجارب مخالطة البشر تجارب تدفعها للاستمرار في خوض المسابقات والمنافسة لإثبات الذات. - من كان خلف هذه الفتاة من شجعها من دعمها من زرع في قلبها كل هذا الإيمان والثقة بالذات؟ - عفيفة الكفيفة هي نموذج حي أمام أعيننا هي نتاج تربية أسرية ودينية إنها ثقافة الإصرار والصمود والتغلب على المصاعب مهما بلغت.. في مثل هذا تكون الغبطة، وفي مثل هذا يجدر التنافس. عرفنا الآن من العراب الروحي لعفيفة الكفيفة إنه كتاب الله وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام.