أصدرت وزارة العمل نظام «حماية الأجور» الذي يُلزم المُنشآت العاملة في السوق المحلية بتحويل رواتب موظفيها إلى حساباتهم البنكية بدلا من دفعها نقدا. الوزارة أوضحت أنها تهدف من خلال تطبيق النظام الجديد إلى تكوين قاعدة بيانات اقتصادية؛ والكشف عن التستر؛ والحد من التوظيف الوهمي. نظام «حماية الأجور» لن يحد من التوظيف الوهمي، كما تعتقد الوزارة، فحسب؛ بل سيسهم أيضا في تأكيد علاقة العمل بين الموظف السعودي والمنشأة وهو ما نحتاجه للقضاء على التجاوزات القانونية التي تُستغل للإضرار بالسعوديين؛ ضبابية معايير إثبات علاقة العمل؛ وعدم تعميمها، وجهل المنشآت بها؛ سمحت بتجاوزات مؤسسات رسمية كان من المفترض أن تكون أكثر عدلا وحرصا على حماية الموظفين السعوديين لا ظلمهم؛ وإن كنت أرجو من وزارة العمل تحديد المعايير القانونية لإثبات العلاقة بين الموظف السعودي والمنشأة، وبما لا يسمح لأي جهة باستغلال هذا الجانب لتحقيق أهداف خاصة؛ أوللإضرار بمصلحة السعوديين. نظام «حماية الأجور» سيوفر ربطا آليا بين الدخل والتحويل الشهري الذي يمكن للعامل تنفيذه من خلال المصارف؛ ما قد يؤدي إلى خفض حجم الحوالات المالية؛ والكشف عن المعاملات التجارية المشبوهة. إضافة إلى ذلك؛ فضمان إيصال الأجور عن طريق المصارف سيؤدي إلى القضاء على مشكلة استغلال أرباب العمل لموظفيهم الوافدين وإجبارهم على العمل دون مرتب؛ أو نُكران العامل استلامه مرتباته والتسبب في قضايا عمالية قد تتطور إلى قضايا سياسية قانونية مستقبلا. نظام «حماية الأجور» أحدث أزمة بين القطاع المصرفي؛ وقطاع الأعمال؛ كنتيجة مباشرة لحجم الحسابات المراد تأسيسها في البنوك؛ فالشريحة المستهدفة لا يقل عددها عن 4 مليون عامل؛ وهذا حجم كبير لا يتوافق مع إمكانيات التشغيل في المصارف السعودية في حال تقدمهم لفتح الحسابات المصرفية في وقت واحد. وزارة العمل جدولت تطبيق النظام بحسب العدد الكلي للعمالة، وبما يسمح بتجزئة المنشآت، وضمان تطبيق القرار على جميع المنشآت المستهدفة بحلول 6 أكتوبر 2014. أعتقد أن التجزئة ستساعد كثيرا في خفض الضغط على المصارف؛ شريطة الاستعداد المسبق؛ فالإمكانات البشرية المتاحة للبنوك تقل بكثير عن احتياجات السوق؛ عوضا عن احتياجات النظام الجديد. الرسوم البنكية ربما تسببت في إحداث مشكلة أخرى بين القطاعين؛ البنوك السعودية غير مصرح لها بتقاضي رسوم مباشرة على فتح الحسابات المصرفية؛ ما يعني أن ربط فتح الحسابات برسوم مالية يُعد مخالفة صريحة للأنظمة؛ إلا أن برامج دفع الرواتب آليا تخضع في الغالب لرسوم إدارية؛ ما قد يحمل المنشآت مصاريف مالية مستقبلا. سرية المعلومات في المصارف قد تتسبب في حدوث أزمة قانونية مستقبلا؛ فالاطلاع على حسابات العملاء غير متاح لأي جهة حكومية بخلاف مؤسسة النقد العربي السعودي، ما يعني أن تَدَخُل وزارة العمل؛ أو أي مؤسسة حكومية أخرى؛ في متابعة الحسابات المصرفية لمطابقتها مع كشوفات رواتب المنشآت لن يكون متاحا لمخالفته النظام؛ إلا أن تُستحدث أنظمة جديدة تُجيز ذلك العمل الرقابي، وهو أمر أرجو عدم حدوثه لمنع تداخل الصلاحيات؛ وتحقيق الحد الأدنى من سرية الحسابات. تعاون وزارة العمل مع مؤسسة النقد العربي السعودي والبنوك المحلية، لن يساعد كثيرا في حل أزمة فتح الحسابات، على أساس أن الطاقة التشغيلية للفروع تقل بكثير عن الحاجة وهذا سيحد من تفعيل نظام «حماية الأجور» بل ربما أسهم في عرقلته ما لم تقم البنوك بزيادة عدد موظفيها؛ والعمل على استحداث آلية فتح الحسابات عن طريق النت؛ وتطوير شبكتها الآلية وبما يضمن دفع الأجور في وقتها المحدد دون مشاكل. [email protected]