امتد الغضب العراقي على سياسة نوري المالكي بتهميش أهل السنة واضطادهم إلى قلب بغداد، فبعد امتداد مظاهرات الغضب في الرمادي وتكريت والموصل إلى ديالى وسامراء وكركوك، شهدت (جمعة الغضب) تظاهرات صاخبة في الأعظمية وامتدت إلى العامرية والكرخ ومدينة الصدر. ولاحظ المتابعون أن هذه المظاهرات غابت عنها الشعارات الطائفية، فرغم أن الحيف يطال أهل السنة، وأنها أندلعت أحتجاجاً على الحكومة الطائفية التي يرأسها نوري المالكي، إلا أن المشاركين في هذه التظاهرة وخصوصاً من مناطق عُرفت بسكانها من أهل الشيعة خاصة في مدينة الصدر وأحياء الرصافة التي تجاوبت مع أحياء الكرخ من أهل السنة. كما لاحظ المتابعون لهذه المظاهرات والذين يرقبون تغيراً في المشهد العراقي، إذ لاحظوا أن الذين يتصدرون المشهد والذين يقودون المظاهرات هم من علماء الدين وشيوخ العشائر، فالشيخ العلامة عبدالملك السعدي وشيوخ عشائر الدليم هم الذين يقودون هذه المظاهرات. وقد حرص الشيخ السعدي على أن يؤكد أهمية النأي بهذه المظاهرات عن الشعارات الطائفية، وأن يحرص المشاركون على أن تكون هذه المظاهرات سلمية، وهو ما استجاب له المتظاهرون مما جعل الآخرين وبخاصة من شيعة الجنوب وكردستان إلى الانضمام إلى هذه المظاهرات، وقد شوهدت وفود من كربلاء والبصرة والناصرية والكوت. كرة الثلج.. مظاهرات الغضب تكبر ..وتكبر، وأخذت المطالب يرتفع سقفها، ففي البداية كانت المطالبات بإطلاق سراح المعتقلين وخصوصاً النساء منهم، إلا أنه ومع استمرار المظاهرات ارتفع سقف مطالب الجماهير إلى المطالبة بإسقاط حكومة نوري المالكي، وقد رُفعت شعارات وعلت هتافات تطالب بتعديل الدستور، وهي مطالب لم يطلقها العراقيون سابقاً، إلا أن الكيل قد زادت وأن المتظاهرين مصممون على الذهاب بعيداً، رداً على تهديدات نوري المالكي الذي زجَّ بأعداد كبيرة من قوات الجيش والشرطة الاتحادية، وهذا رفع درجة التحدي لدى المتظاهرين الذين يصرون على الذهاب بعيداً وتحويل مظاهرات الغضب إلى ربيع عراقي يجد استجابة لدى جميع العراقيين.. إذ هناك تعاطف من المحافظات الجنوبية ووسط الفرات التي تسكنها أغلبية شيعية التي تعاني من تهميش طبقي، فلا خدمات ولا تحسن في وضع المواطنين الذي يزداد سوءاً، وهو ما يدفعهم إلى مشاركة إخوانهم الغاضبين في محافظات الشمال وغرب العراق وأغلب أحياء العاصمة بغداد. أمام هذه الحالة وتفشي الغضب في كل أنحاء العراق لم يبق أمام نوري المالكي إلا التجاوب مع مبادرة أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب ويطلب من جماعته حزب الدعوة والأحزاب الطائفية الشيعة الأخرى التجاوب مع باقي النواب وإلغاء المواد التي وُضعت لتهميش أهل السنة وإيذائهم والمنحصرة بمواد «4 إرهاب والاجتذاذ والعدالة والمساءلة»، المواد التي وضعت لملاحقة أهل السنة، ليعود العراق متسامحاً وغير مفرَّق، أو يذهب بعيداً في غلوائه باللجوء إلى استعمال العنف والقوة واختيار الحل الأمني ليكون مصيره كصمير من سبقه من الطغاة مثل زين العابدين بن علي ومعمر القذافي ومبارك وحالياً بشار الأسد. [email protected]