لم يكن الأمير الراحل (تركي ابن سلطان) الذي وافته المنية قبل أيام قلائل إثر نوبة قلبية - تغمده الله بواسع رحمته - شخصية إعلامية فقط، وإنما كان عدة شخصيات.. رياضية وإنسانية واجتماعية وإدارية وثقافية في قالب وسلوك رجل واحد، فقد كان - فقيد الإعلام والرياضة - بقيمه الإدارية ووعيه التنظيمي، وفكره الديمقراطي وخبرته المهنية الرصينة التي تجاوزت العقود الثلاثة كمسئول رفيع عاش داخل دهاليز الوزارة المخضرمة (الثقافة والإعلام).. منذ أوائل الثمانينيات الميلادية.. وتدرج في العديد من الوظائف الرسمية والمواقع القيادية.. قبل أن يتم تكليفه بالإشراف على القناة الرياضية السعودية. كان علماً بارزاً، وصاحب بصمة واضحة بخدماته المهنية، وإسهاماته النوعية، وأدواره الإيجابية في مسيرة الإعلام ووسائله المتنوعة، وتحديداً في حركة الإعلام الرياضي بالمملكة، وخصوصاً القناة الرياضية السعودية التي أعاد صياغة وصناعة منهجيتها وتطويرها فكراً وشكلاً ومضموناً واضعاً اللبنة الأولى في الاحتراف الرياضي التلفازي.. لينقل المتابع الرياضي والمشاهد إلى جميع ملاعب المملكة عبر الشاشة الفضية، فكانت هذه المنجزات الخالدة وقربه من الحدث الإعلامي وصناعة نجاحاته.. أن نال ثقة ولاة الأمر في هذا الوطن الكبير.. بتعيينه نائباً لوزير الإعلام والثقافة للشئون الإعلامية.. تتويجاً لمسيرة مهنية قيادية سامقة في عصر يشهد انفتاحاً فضائياً وثورة معلوماتية وانفجاراً معرفياً.. أصبح فيه الإعلام بمكوناته ومنطلقاته ومؤثراته وأنماطه واتجاهاته في وقعنا المعاصر عصب الحياة، والأكثر تأثيراً في تشكيل الرأي العام، وتنوع المعرفة، وزيادة التثقيف. ) برحيل الأمير الرياضي تركي بن سلطان - غفر الله له - خسرت الساحة الرياضية والإعلامية شخصية شمولية واعية وقامة فكرية عملاقة.. احتلت مكانة رفيعة في قلوب الجميع خصوصاً الوسطين الإعلامي والرياضي لما كان يتميز به من دماثة خلق وتواضع جم وسلوك ديموقراطي حضاري في التفاعل مع الأحداث والتعاطي مع إرهاصاتها بحنكة متأصلة وحكمة مفصلة.. في عمق شخصيته الوجدانية.. المتفق على محبتها من جميع الميول والانتماءات الرياضية، حتى في ميدان التنافس كان - فقيد الإعلام والرياضة - هادئاً ومتزناً ونموذجياً في ميوله الرياضية.. فمعروف أن الأمير الراحل كان أحد أعضاء الشرف الفاعلين بنادي الهلال منذ عقد الثمانينيات الميلادية، ومن الداعمين للمسيرة الهلالية.. ورغم حدة المنافسة (الطاغية) آنذاك بين قطبي الوسطى (الهلال والنصر) لم يخرج يوماً بتصريحات رنانة، أو لغة خارجة عن قواعد الضبط الأخلاقي والمهني، أو ألفاظ تقود للتعصب الرياضي وتكريس مفهومه.. مستغلاً نفوذه الإعلامي والاجتماعي.. بل حارب التعصب وإرهاصاته بفكر راقٍ، وحس مهني، وحدس اجتماعي وصمت واعٍ.. والصمت نصف الحكمة كما يقول علماء الاتصال والسلوك الإنساني..!! ) كان الأمير الراحل بقلبه الكبير ومشاعره النبيلة.. صاحب مواقف إنسانية ومبادرات خيرية.. فأياديه البيضاء - رحمه الله - امتدت لتطوّق أعناق بعض لاعبي الأمس الهلالي ومساعدتهم في أحلك ظروفهم المادية وتخفيف معاناتهم المعيشية ومصافحة همومهم الأسرية.. يقول كابتن الهلال الدولي السابق (حسين البيشي) عن لمسات (الفقيد) الحانية ومواقفه الأصيلة تجاه بعض الرياضيين في الزمن الجميل، كان - يرحمه الله - يسأل عن بعض اللاعبين المحتاجين سواء كانوا هلاليين أو غيرهم، ويتواصل مع المصابين ويقف معهم بمشاعره وإنسانيته في بادرة تنم عن شهامته وأريحيته وقيمه الأخلاقية المتأصلة في عمق وجدانه، هكذا كان الإنسان (تركي بن سلطان).. رجلاً يتصف بسمات حميدة.. يتفاعل (كيميائياً) مع الأحداث الإنسانية بوعي فطري، وحس عميق، وحدس اجتماعي، ومشاعر نبيلة.. ولا غرو من ذلك - فالفقيد - نهلَ من مدرسة والده الراحل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز - غفرَ الله له - العلوم الإنسانية والتربوية والقيادية.. وبالتالي انعكست تلك الخصال الطيبة والصفات الإيجابية على بناء وتشكيل شخصية مهنية.. قيادية.. إنسانية اتفق الجميع على محبتها. ) رحمَ الله الأمير الإنسان (تركي بن سلطان) الذي رحل بجسده.. وبقيت سيرته النيرة وسمعته العطرة محفورة في الذاكرة الرياضية والإعلامية.. والعزاء موصول للأسرة المالكة الكريمة، وللوسطين الإعلامي والرياضي.. تغمده الله بواسع رحمته. Twitter@kaldous1