إذا كانت الخطوط الجوية السعودية قد قامت بتعويض 12 ألف مسافر والاعتذار لخمسة آلاف مسافر آخر، حسب الخبر المنشور في «الجزيرة» يوم السبت الماضي 9 صفر 1433 الموافق 22 ديسمبر 2012، فهذا لا يعدو أن يكون «غيضاً من فيض»؛ فما أكثر ضحايا الخطوط السعودية الذين يبلعون الإساءة ولا يتقدمون بأي شكوى لأنهم فقدوا الأمل في أن ينصفهم أحدٌ وهم لا يريدون تضييع أوقاتهم في مراجعة مكاتب الخطوط وموظفيها. بل إن المحزن هو أن المسافر الذي يراجع موظف الخطوط ويعرض مشكلته عليه ويشكو إليه من فقد الحجز أو مما حل به من مشكلات يُفاجأ في بعض الأحيان بأن الموظف نفسه أكثر حماساً منه في الشكوى من الخطوط! وعندها يدرك المسافر أن فاقد الشيء لا يعطيه، وأن الأسلم له هو أن يلعق جراحه ويمضي إلى حال سبيله محتسباً الأجر عند الله. قصص المسافرين مع الخطوط السعودية لا تنتهي، وهي مكررة لدرجة أن نشرها في الصحافة كأخبار يجعلها مملة ومادة «بايته» من شدة القدم ولا تجلب انتباه القارئ الذي يمكن أن يروي من عنده قصصاً كثيرة مثلها من تجاربه الخاصة، فضلاً عما يسمعه من تجارب الآخرين! ولذلك لم يَدُرْ في خلدي أن أفعل أي شيء أو أن أكتب حرفاً واحداً عما حلَّ بي وبزميلين آخرين مسافرين معي في رحلة من رحلات الخطوط مؤخراً لولا الخبر الذي نشرته «الجزيرة» عن تعويضات واعتذارات الخطوط. كنا، الدكتور عبدالرحمن الشبيلي وأنا، قد ذهبنا مبكرين إلى مطار الملك خالد واستلمنا بطاقة الصعود إلى الطائرة في رحلتها 1389 المتجهة من الرياض إلى الجوف يوم العاشر من ديسمبر للمشاركة في ندوة أدبية بالنادي الأدبي بالجوف، وانتظرنا مع الأستاذ عقل الضميري نائب مدير مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية في صالة الدرجة الأولى نتحرى إعلان الصعود إلى الطائرة. وفي اللحظة التي رفعت الخطوط النداء لصعود الطائرة حملنا أوراقنا وذهبنا إلى البوابة 31 حسب المكتوب على بطاقة صعود الطائرة. كانت المفاجأة الأولى هي تغيير البوابة إلى بوابة أخرى هي البوابة رقم 33 «دون سابق إنذار»!، أما المفاجأة الأخرى فكانت أكبر من الأولى حيث وجدنا أن البوابة قد أغلقت وأن لا سبيل إلى اللحاق بالطائرة رغم حضورنا بمجرد أن سمعنا الإعلان. وكان عذر موظف الخطوط أن مسؤولية الإعلان المتأخر للمسافرين في صالة الدرجة الأولى تقع على هيئة الطيران لا الخطوط. لا الدكتور الشبيلي ولا أنا ولا زميلنا الأستاذ الضميري يفكر في الحصول على تعويض من الخطوط أو طلب اعتذار، ولكن مَنْ يعتذر للنادي الأدبي في الجوف الذي كان قد أعلن عن الندوة في وسائل الإعلام واضطر أن يعتذر للناس بسبب إلغائها؟ ومَنْ يعتذر لمن حضر إلى النادي معتقداً أن الندوة ستُقام في موعدها المحدد؟ قبل هذه الواقعة بحوالي شهر حدثت لزميل قصة مماثلة في رحلة غادرت دون إعلان للمسافرين، وكاد يفقد الرحلة لولا مرابطته أمام البوابة، ومثلها حدث أيضاً للصحفي الأستاذ هلال الحيزان ومجموعة من زملائه. أيتها الخطوط السعودية.. لا تعتذري، فالناس يريدون تصحيح الأوضاع المائلة لا تقديم الاعتذار ولا حتى التعويض، خصوصاً في تلك الرحلات التي لا يوجد أمام المسافر بديلٌ سوى الخطوط السعودية حتى عندما تتواضع الخطوط وتطلق عبارتها المهذبة «نشكركم على اختياركم السعودية» وكأن المسافر هو حقاً الذي اختار!! [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض