أحسنت إدارة النادي الأدبي الثقافي بجدة صنعاً عندما قررت إقامة حفل تذكاري تكريمي للراحل العزيز الأستاذ محمد صلاح الدين، الصحفي والكاتب والناشر الذي تخرجت على يديه أجيال كثيرة من الصحفيين في المنطقة الغربية وفي المناطق الأخرى من المملكة العربية السعودية. وقد تحدث في تلك المناسبة أساتذة كرام من مختلف الأجيال الصحفية ممن عملوا مع الراحل الكبير أو جايلوه، ومن هؤلاء الدكتور هاشم عبده هاشم رئيس تحرير جريدة عكاظ الذي عمل مع الأستاذ صلاح الدين في جريدة المدينة كمتدرب في البداية ثم تلاحقت خطواته ليصبح أحد اعلام الصحافة السعودية، والأستاذ عبالله عمر خياط الرئيس الأسبق لتحرير جريدة عكاظ الذي قال أن صلاح الدين كان منافساً يخشاه، وغيرهما من المتحدثين الذين انصفوا تجربة الأستاذ محمد صلاح الدين رحمه الله. لم أزامل الأستاذ محمد صلاح الدين ولكنني كنت على تواصل معه عبر الهاتف حتى ما قبل رحيله، وقبل ذلك كنت أنا القاريء الذي يرصد عطاءات الأستاذ صلاح الدين الملتزمة عبر عموده الصحفي في جريدة المدينة «الفلك يدور». وعندما بادر إلى إصدار مجلته الاقتصادية «الأسواق» كان لي شرف المشاركة في الهيئة الإشرافية. لكن الفرصة الذهبية الجميلة التي تعرفت من خلالها على الراحل الكريم عن قرب كانت رحلة صحفية إلى الولاياتالمتحدة في تسعينيات القرن الميلادي المنصرم برفقة الصديق الأستاذ علي الحسون رئيس تحرير جريدة البلاد ومجلة إقرأ. في تلك الرحلة قضينا أوقاتاً طويلة في النقاش والحديث عن قضايا الصحافة والفكر والتحولات الكبرى التي كان يشهدها العالم في تلك الفترة التي أعقبت سقوط الاتحاد السوفيتي وبروز الولاياتالمتحدة كقوة عظمى وحيدة في العالم. وحقاً أنت لا تعرف الناس إلا في السفر، كما يقال. وكم أدهشني ذلك المستوى الرفيع من الأخلاق والسلوك والانضباط والعفة، وقد وجدت أخيراً كاتباً يعيش حياته العادية اليومية مثلما يكتب، فكم فجعتنا سلوكيات بعض من كنا نعجب بهم من خلال كتاباتهم ثم تزاملنا في السفر فتبين أن ما يكتبونه شيئاً وما يفعلونه شيئاً آخر. لقد تطرق الأساتذه الكرام الذين تحدثوا في ندوة النادي الأدبي الثقافي بجدة إلى بعض إنجازات الأستاذ محمد صلاح الدين. بعض هذه الإنجازات معروفة، وبعضها لا يعرفها إلا القليلون، وتبقى هناك إنجازات ومبادرات وأوليَّات لصلاح الدين لا يعرفها إلا زملاء كانوا قريبين منه مثل الدكتور هاشم عبده هاشم والأستاذ محمد أحمد محمود والأستاذ على الحسون والأستاذ علي الشدي. أتمنى أن تبادر جهةٌ ما إلى جمع هذه المعلومات ونشرها، وما أجمل أن تكون تلك الجهة هي النادي الأدبي الثقافي بجدة. فالنادي هو صاحب فضل في إقامة الندوة في رحابه، وقد أشار المتحدث الرسمي للنادي الدكتور عبدالإله جدع إلى أن النادي سينشر محتويات الندوة في كتاب خاص، وهذا جهدٌ مشكور، لكن الأمل هو أن يضاف إلى ما جاء في الندوة تلك المعلومات الثرية التي يعرفها بعض زملائه ممن لم يتمكنوا من حضور الندوة. رحم الله الأستاذ محمد صلاح الدين، وكل الشكر والتقدير للنادي الأدبي الثقافي بجدة، وللأساتذة الذين تحدثوا في الندوة. [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض