القرآن الكريم حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، لا يزيغ به الأهواء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء، ولا تنقضي عجائبه، هو لم يلبث الجن إذ سمعته أن قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا}، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن اعتصم به هدي إلى صراط مستقيم. فعن عبد الله بن مسعود قال: (إن القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله والنور المبين والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه، لا يزيغ فيستعتب، ولا يعوج فيقوم، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) رواه الدارمي في سننه. وهو أشرف الكلام وأقدسه، وفضله على سائر الكلام كفضل الله سبحانه على خلقه، كما روي في الأثر. وإن له أهلون، وأهله هم حملته وحفظته والعاملون به، والمقيمون لحدوده وحروفه، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أهلين من الناس، قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم: أهل الله وخاصته). رواه النسائي وابن ماجة والحاكم. وإننا اليوم في هذا المكان المبارك، نشهد حدثاً عظيماً يلتقي فيه أهل القرآن الكريم، يتدارسونه ويتلونه، حق تلاوته، ويتسابقون فيه لينالوا المراتب والدرجات العلية، نعم، هذا المكان المبارك هو مكةالمكرمة - حرسها الله-، والحدث العظيم هو تلكم المكرمة التي تتكرر كل عام وتعود علينا في كل سنة تحرك القلوب وتشد الأنظار في شتى الأصقاع والأبقاع إلى بلد الله الحرام ألا وهي: مسابقة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - وهذه المسابقة التي توليها الدولة عناية فائقة لشرفها وعلو مكانتها، وتجند لها الإمكانات كافة، تدل على حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه - وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه - على تعظيم القرآن الكريم، والدعوة إلى العمل به، والتحاكم إليه كما هو دستور هذه البلاد المباركة في هذا العهد الميمون وسائر العهود السابقة لملوك هذه البلاد - رحمهم الله تعالى - والذي تسير عليه في صغير أمرها وكبيره، وإن من صور العناية بالقرآن الكريم تأسيس حلقات تحفيظ القرآن الكريم على مستوى الدولة، وتهيئة العوامل المساعدة في كل ما من شأنه خدمة القرآن الكريم وحملته، وإقامة المسابقات المحلية، ودعم الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في المدن والقرى والهجر. كما أنني في هذا المقام أتقدم بالشكر الجزيل إلى صاحب المعالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على ما يوليه من عناية فائقة ومتابعة دقيقة لسير هذه المسابقة، وتحصيل الغايات والأهداف النبيلة المباركة المرجوة منها، والشكر موصول إلى كافة العاملين في الوزارة، والذين يتابعون ويتولون التنظيم والإشراف المباشر على هذه المسابقة. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزل المثوبة والأجر للمسؤولين على إنجاح المسابقة، وتحقيق ما تصبو القيادة الكريمة إليه منها. - وكيل وزارة العدل