إن من يتابع ردود الأفعال على ما يجري في مصر حاليا يلحظ أن هناك خلطا متعمدا بين الإسلام بمفهومه الشامل، وبين الإسلام المسيس، ممثلا بحركات الإسلام السياسي، وأبرزها تنظيم الإخوان المسلمين، ولأن هؤلاء يعلمون بأن الدين خط أحمر، فإنهم بهذا الخلط يحاولون أن يكون التنظيم ومسؤوليه خطوطا حمراء أيضا، وهذا وهم قد ينطلي على العامة لبعض الوقت، ولكنه لن يصمد طويلا في مواجهة الوعي الصاعد للأجيال الجديدة، خصوصا بعد الزلازل الكبرى التي شهدها عالمنا العربي خلال العامين الماضيين، ومع ذلك فإن بعض الرموز العتيدة لتنظيم الإخوان ما زالت تبيع الوهم، ولن تتوقف. لا يفتأ الرمز الإخواني المعروف صفوت حجازي يتحفنا بين الحين والآخر بحكايات لا يمكن أن تصدق، لولا أننا نراها بالصوت والصورة، وكلها تتركز حول قدسية تنظيم الإخوان المسلمين، وقد نقل عنه مؤخراً -ونتمنى ألا يكون صحيحاً- قوله إن كل من يعترض على قرارات الرئيس مرسي فهو يشابه كفار قريش في كثير من الوجوه!، ولا زلت أذكر بعيد عزل الرئيس مبارك من قبل الجيش، وقبل تنصيب الإخوان المسلمين حكاما على أرض الكنانة، كيف أن حجازي ظهر في لقاء مع خفيف الظل!، والإخواني العتيد أحمد منصور، وتحدث حينها عن الكرامات التي رآها في ميدان التحرير أثناء الثورة، وهي شبيهة للكرامات التي كان يرويها عبدالله عزام أيام الجهاد الأفغاني، حتى خيل لنا أن المقابلة كانت عبارة عن فيلم ترفيهي، لا لقاء يفترض فيه الأهمية لواحد من أبرز الوجوه الإخوانية، ولذا لم يكن حديثه عن كفار قريش خارج السياق أبدا، فما هو المنهج الإخواني؟. يؤمن الإخوانيون بأن المجتمعات تعيش في جاهلية، وأن قدر التنظيم هو أن ينتشلها إلى طريق الفلاح (الصحوة الدينية)، وهذه عقيدة يؤمن بها أعضاء التنظيم، يستوي في ذلك حديث العهد الذي أدى القسم لتوه، مع العضو العتيد، كما الرئيس مرسي، ومن يقرأ الأدبيات الإخوانية يدرك هذا بكل وضوح، كما لا يحق لعضو التنظيم مهما علت منزلته أن يخرج عن طاعة المرشد تحت أي ظرف، ولعلكم لاحظتم أن قرارات الرئيس مرسي الأخيرة تم إعلانها من قبل المتحدث باسمه، ما قد يشير إلى أنها صدرت من مجلس شورى الجماعة، لا من الرئيس مرسي نفسه، فهو لا يستطيع الاعتراض حتى لو أراد ذلك حسب تسلسل الهرم السلطوي لهذا التنظيم، فهل سينجحون هذه المرة؟. من الواضح أن قرارات مرسي وحدت المعارضة المصرية لأول مرة منذ عزل مبارك، وهذا أمر قد لا يروق لتنظيم الإخوان، كما أن المعارضة لمرسي لم تكن بمثل هذه الشراسة منذ توليه السلطة، ولعل الشعب المصري أدرك الحقيقة المرة، والتي تشير إلى أنه ضحى كثيرا لاستبدال حاكم دكتاتور، بتنظيم دكتاتوري يريد أن يملك السلطة المطلقة، ويحكم كيفما يشاء دون اعتراض من كائن من كان، فهل يا ترى ينجح الإخوان؟، أم تكون هذه القرارات بداية لسقوط التنظيم بأسرع مما توقع أكثر المتشائمين؟، ننتظر ونرى. فاصلة:» أنا لا أتعب في تأليف النكات... فقط أتابع الساسة وأنقل ما يقولون ويفعلون».. ول روجرز. [email protected] تويتر @alfarraj2