تُصَنِف الهيئة الملكية للجبيل وينبع شركتي أرامكو السعودية وسابك ضمن شركاء النجاح الذين أسهموا في استكمال مشروع المدينتين الصناعيتين في الجبيل وينبع، في الوقت الذي يَنظُر فيه الوطن للهيئة الملكية، وأرامكو وسابك على أنها أنموذج النجاح التنموي المتفرد في المملكة. أدارت أرامكو السعودية قطاع النفط بكفاءة عالية، وأثبتت قدرتها الفائقة في التعامل مع المتغيرات العالمية في قطاعات التنقيب، الإنتاج، والتكرير، وأسهمت في دعم قطاع البتروكيماويات وتطويره من خلال توفير اللقيم لثلاثة عقود متتالية، ثم الإسهام المباشر في عمليات إنتاج البتروكيماويات وتحقيق الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة.. أما «سابك» فكانت الحلم الذي حول مشروع استثمار الغاز المهدر إلى واقع ملموس حين أرست قواعد الصناعات البتروكيماوية في المملكة. تجربة الهيئة الملكية في إنشاء المدن الصناعية وإدارتها، وتعاملها الأمثل مع مشروعات التنمية، وتحقيق التكامل في إدارة المشروعات بما يحقق الكفاءة والجودة، والعائد الاستثماري المُجزي على الإنفاق التنموي وهبها شهادة التميُّز وربما الريادة. أنجزت مدينة الجبيل الصناعية وإدارتها بفكر عالمي لم يسبق أن شاهدناه في أي من مناطق المملكة ومدنها، وها هي تنطلق من جديد لبناء مدينة رأس الخير وإرساء بنى تحتية قادرة على استيعاب الصناعات المختلفة. أضلاع مثلث النجاح الصناعي والتنموي في المملكة عادوا للاجتماع من جديد في الجبيل الصناعية لمواصلة الطريق والتوسع في شراكتهم الإستراتيجية لتوطين مزيد من الصناعات المتنوعة لدعم الاقتصاد الوطني. الأمير سعود بن عبد الله بن ثنيان آل سعود رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع توقع «أن يبلغ إجمالي الناتج المحلي للبتروكيماويات السعودية 12% من الناتج العالمي بحلول 2015 بعد دخول طاقات إنتاجية جديدة من قبل أرامكو وسابك وشركات القطاع الخاص». زيادة حجم إنتاج البتروكيماويات أسهم بطريقة غير مباشرة في زيادة حجم المكررات النفطية، حيث ركزت أرامكو في شراكاتها العالمية الأخيرة على الإنتاج المزدوج للبتروكيماويات والمنتجات النفطية المكررة. استكمال مرحلة التنمية الصناعية الأولى بنجاح استدعى البدء في إستراتيجية جديدة، وأحسب أن الصناعات التحويلية جزء منها، فمن أكثر الانتقادات الموجهة لصناعة البتروكيماويات عجزها حتى الآن عن خلق صناعات تحويلية قادرة على تصدير المنتجات النهائية إلى الخارج بدلاً من المنتجات الأساسية، وبما يحقق القيمة المُضافة، ويُسهم في خلق الوظائف وتوسيع قاعدة الإنتاج. مشروع أرامكو الأخير في «صدارة» وبعض مشروعات سابك، ربما أسهموا في تحقيق ذلك الهدف من خلال توفير اللقيم ودعم الصناعات التحويلية. تركيز «سابك» على الجانب البحثي ببنائها أكبر مركز تطويري في جامعة الملك سعود يدعم قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي يفترض أن تستفيد من الصناعات الأولية كلقيم لمنتجاتها النهائية أو الوسيطة. في شهر مارس الماضي، تم الإعلان عن تحالفات بين الهيئة الملكية وشركتي أرامكو السعودية و(سابك) ووزارة المالية لدعم التوجهات الصناعية المستقبلية والتركيز على قطاع الصناعات التحويلية المعتمدة على المنتجات البتروكيماوية والتعدينية والنفطية المكررة في المملكة وإنشاء مجمعات صناعية متكاملة تضم مصانع تحويلية تعتمد كلياً على المواد الخام الأساسية التي تنتجها المجمعات البتروكيماوية الحالية. أحسب أن الاجتماع الأخير يُمهد للبدء في تنفيذ الإستراتيجية الصناعية المكملة للإستراتيجية الأولى، ويهدف إلى استكمال منظومة التخزين والإنتاج والتطوير وتشغيل الموانئ المهمة في الجبيل ورأس الخير. في اجتماعهم الأخير، تمنيت أن يضم رؤساء الهيئة الملكية وأرامكو، وسابك مشروع تنمية مدينة الجبيل إلى أجندتهم المهمة، فالتنمية الصناعية لا تكتمل إلا بالتنمية المدنية، وهي سر نجاح مدينة الجبيل الصناعية، نجاح الأطراف الثلاثة لا يُمكن أن يكتمل إلا بمعالجة مشكلات الجبيل التنموية والأخذ بيدها لتصبح في مركز تنموي متوازٍ مع الجبيل الصناعية. الجبيل تنظر للهيئة الملكية على أنها مظلة التنمية للمدينتين وليس الجبيل الصناعية فحسب، وتأمل من سابك أن تستثمر جزءاً من أرباحها في تنمية المدينة وبناء المدارس والمراكز الصحية والحدائق العامة وتكريس المساهمة في خدمة المجتمع، وهو ما ترجوه أيضاً من أرامكو التي أصبحت الجبيل مركزاً لعملياتها الإنتاجية في قطاع الغاز، البتروكيماويات والمنتجات المكررة. الرقي الحضاري يقوم على الفكر التنموي الذي لا يقف عند قطاع الصناعة فحسب، بل يمتد إلى الإنسان والمكان، تنمية البيئة الحاضنة ركن رئيس من أركان الاستثمار الصناعي الحديث. [email protected]