اليوم..بدء الفصل الدراسي الثاني    شمال غزة يستقبل القوافل الإغاثية السعودية    نفاد تذاكر مواجهة إندونيسيا والسعودية    منتخب هولندا يهزم المجر برباعية ويلحق بالمتأهلين لدور الثمانية في دوري أمم أوروبا    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    اليوم بدء الفصل الدراسي الثاني.. على الطريق 3 إجازات    20,124 مخالفاً في 7 أيام وإحالة 13,354 إلى بعثاتهم الدبلوماسية    «إعلان جدة» لمقاومة الميكروبات: ترجمة الإرادة الدولية إلى خطوات قابلة للتنفيذ    5 فوائد صحية للزنجبيل    اختلاف التقييم في الأنظمة التعليمية    مهرجان الزهور أيقونة الجمال والبيئة في قلب القصيم    المتشدقون المتفيهقون    الإستشراق والنص الشرعي    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    أهم باب للسعادة والتوفيق    أغرب القوانين اليابانية    الفرصة المؤكدة و مغامرة الريادة في كفتي ميزان    «مَلَكية العلا»: منع المناورات والقيادة غير المنتظمة في الغطاء النباتي    «مزحة برزحة».. هل تورط ترمب ب«إيلون ماسك» ؟    سعرها 48 مليون دولار.. امرأة تزين صدرها ب500 ماسة    منتخبنا فوق الجميع    في دوري الأمم الأوروبية.. قمة تجمع إيطاليا وفرنسا.. وإنجلترا تسعى لنقاط إيرلندا    شارك في الطاولة المستديرة بباكو..الجاسر: 16 مليار دولار تمويلات البنك الإسلامي للمناخ والأمن الغذائي    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان الشراكة الإستراتيجية    14% نموا في أعداد الحاويات الصادرة بالموانئ    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    ضبط أكثر من 20 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    اكتشاف تاريخ البراكين على القمر    «واتساب»يتيح حفظ مسودات الرسائل    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    السخرية    المؤتمر العالمي الثالث للموهبة.. عقول مبدعة بلا حدود    عروض ترفيهية    المملكة تستعرض إنجازاتها لاستدامة وكفاءة الطاقة    أشبال الأخضر يجتازون الكويت في البطولة العربية الثانية    ضمن منافسات الجولة ال11.. طرح تذاكر مباراة النصر والقادسية "دورياً"    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    ابنتي التي غيّبها الموت..    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    «الجودة» في عصر التقنيات المتقدمة !    ألوان الأرصفة ودلالاتها    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    الزفير يكشف سرطان الرئة    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمات
نشر في الجزيرة يوم 12 - 11 - 2012

لا يشك أيٌ منا في جدوى «ساهر» وأثره الواضح في الحد من الحوادث المرورية خلال فترة وجيزة من بدء العمل به؛ ولكن هذه التجربة الوليدة تحتاج إلى متابعة وتقويم لتطويرها، وتعديل ما يصاحبها من سلبيات وملحوظات.
وأول ما يتبادر إلى ذهن عابري الطرق التي غرست فيها كاميرات «ساهر» الحرص على انضباط السرعة حسب كل شارع، ويساعد على تعزيز هذا المفهوم وجود لوحات بخط واضح وإنارة فسفورية تنبه إلى وجود الكاميرا على بعد مسافة معينة، وهذا هو العنوان البارز لفكرة هذا المشروع المتحضر؛ ولكن هواجس أخرى لا يمكن صدها عن الأذهان؛ هي تلك التي تعشش في خيالاتنا ونحن نرى ما يكاد ينحرف بهذا المشروع الوطني الرائع عن مساره الأمني والانضباطي إلى ما يمكن أن نسميه في بعض الحالات «جباية» ليس إلا؛ وإلا فما معنى أن تتربص سيارة من سيارات «يا مسهرني» بالعابرين متخفية أو شبه متخفية بين شجيرات، أو تحت جسر، أو في بداية مفترق طرق، أو على أحد الأرصفة فجأة، وكل يوم لها مكان، ألم يكن من شروط كاميرات المراقبة وضع لوحات تشير إلى أن الطريق مراقب بكاميرات ضبط السرعة؟ فأين تطبيق هذا التنظيم المعمول به في كل مدن العالم؟ لقد بلغ التحايل إلى أن تقف إحدى سيارات «ساهر» على جانب من الطريق كاشفا سائقها عن ماكينتها، أي رافعا الكبوت وكأنها سيارة متعطلة، مبالغة في إيهام قائدي السيارات كي لا يخففوا من سرعات سياراتهم! أليس هذا سعيا مكشوفا إلى إيقاع الغرامة عليهم وليس اجتهادا في ضبط نظام المرور وتطبيقا لقواعد السلامة؟! ثم ما هذه البروق الكاشفة الصامتة بلا رعود وهي تتكاثف ليلا عند الإشارات في والشوارع الرئيسة وكأننا في ليلة من ليالي شتاء داكن السحب غزير الأمطار تشتعل سماؤه من كل ناحية وتكاد تخطف الأبصار؟! إن السائق الحذر الفطن المتقيد بالأنظمة لا يعلم هل أصابته بروق هذه الكاميرات التي لا تتوقف في مقتل أم أنه سلم من تصويرها وأن المقصود من بجانبه أو من خلفه أو من أمامه، لا يعلم أحد من المدان أمام بروق تلمع وتسطع وتوزع فلا شاتها القوية على الجميع بعدل فيهيأ للجميع أيضا أنهم كلهم مدانون بالخطيئة المرورية! وكم يوما انتظرت أنا رسالة ترن على جوالي تزف إلي خبر قطع إشارة ولم أفعل أو تجاوز خط ولم أرتكب هذا الذنب، حتى إذا تصرم أسبوع دون أن يزف إلي الجوال خبر إدانة لم تقع حمدت الله على السلامة من دفع مال كان يمكن أن تنهبه هذه الفلاشات نهبا لو اندفعت بسيارتي خطوة بيد أنني أمسكت بلجامها قبل الخط الأحمر الفاصل بيني وبين خط النار! إن في هذا الصنيع مبالغة أيما مبالغة، وخلط لأوراق الصواب والخطأ، وتشدد في تتبع الأخطاء التي لا يمكن أن تقود إلى مصيبة ولاإلى فاجعة؛ على حين لا يتشدد المرور في مواضع أخرى كثيرة ليس من ورائها طائل، ولا يجني خلف إيقاف مرتكبها مالا، فأين تخطيط ممرات المشاة بالألوان الفراء؟ وأين تخطيط الجوانب والمواقف؟ وأين المرور من تنظيم السير في شوارع الأحياء التي أصبحت تقاطعاتها دخولا في معارك ؟ لقد تحول رجل المرور بقدرة قادر من مراقب ضابط للنظام مشرف على انسياب سير الشوارع وفك الاختناقات إلى جابٍ أناب عنه هذه الكاميرات التي تنهض بما يزيد على ما كان يقوم به رجل المرور سابقا حين كان لا ينزل من سيارته أو لا يقف إلا وهو متأبط دفترا سميكا من قسائم المخالفات، وكان الأمر قديما يتم كما يتم الآن في عهد ساهر بصمت ودون شرح أو لجاج أو تنبيه على الخطأ، كان القلم بكتابة القسيمة يسبق الكلام، حتى ليخيل إلي أو إليك أن الغاية تحققت بالفعل من دفع الورقة في جيبك، وكأنها هي الغاية التي تم إيقافك أو سؤالك لا غيرها! لقد غيب «ساهر» في جملة من غيب ليس العطف الذي قد يحدث أحيانا على من ارتكب خطأ بلا قصد، أو من غير تنبه؛ بل غيب رجل المرور نفسه، فأصبحت رؤية الزئبق الأحمر أيسر علينا من أن نرى رجل مرور واقفا في شارع أو عابرا بسيارته، إلا إن حدثت مصيبة استدعي لحلها أو لكتابة تقرير عنها، وهذا قد تغني عنه شركة متخصصة في كثير من الأحيان، أما رجل المرور فلن يأتي إلا بعد أن تفور الأعصاب وتهدأ ثم تفور وتهدأ ثم لا تهدأ بعد المكالمة العاشرة على غرفة العمليات! وإذا لم تكن «الجباية» الظاهرة الآن حلت بشكل سافر في ساهر محل الغاية الشريفة النبيلة المتوخاة منه؛ فمن يستطيع أن يبحث لنا عن مسوغ أو متكأ أو أعذار لمن شرع قوانين هذه اللعبة الذكية التي أحالت رجال المرور إلى التقاعد وأحالت كثيرا من الجيوب أيضا إلى الديون في ما يمكن أن نسميه «ربا قسائم ساهر» كمصطلح جديد في التعاملات الاقتصادية التي جدت في هذا العصر الغريب الذي لا يفتأ يرمي علينا ما لا نستطيع له قياسا ولا مثيلا في شرع أو قوانين؛ من يقدر أن يرتكب إثم تحليل تضاعف غرامات ساهرإذا مضت ساعة واحدة على الشهر المحدد؟! وإذا لم يصل إشعار لقائد المركبة لأي سبب كان؟! إما فقد جواله، أو نسيه في مكان ما، أو سرق، أو سافر، أوغير رقمه ولم يحدثه لانشغاله أو نسيانه، ماذا يصنع بغرامة لمخالفة تتضاعف لم يعلم عنها شيئا؟! أنضيف إلى ربا البطاقات الائتمانية التي لا يلجأ إليها إلا مضطر عبئا جديدا على المواطن أو المقم لا تتربح منه بنوك هي كالغول قامت لتحقيق هذه الغاية؛ بل إدارة مرور صارت أشبه بالبنوك؟! لقد أسهر ساهر كثيرا من المواطنين وجفا النومَ اللذيذ عن عيونهم وقلبُ «ساهر» هذا قاس لا يرق ولا يلين! وكأننا نردد مع الست موجهة شدوها الجميلَ إلى ساهر: ماخطرتش على بالك يوم تسال عني وعنيا مجافيها النوم.. النوم يا مسهرني!
[email protected]
mALowein@


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.