من الواضح أن قوى الإرهاب تمتلك مخططاً شاملاً للنيل من استقرار المنطقة، ولذلك فإنها لا تتوقف عن التحرك وتغيير التكتيكات والانتقال من دوله إلى أخرى، وتشير التقديرات المتخصصة إلى أن هذه القوى سعت إلى الاستفادة بشكل كبير من الأوضاع غير المستقرّة التي شهدتها وتشهدها بعض دول المنطقة، وهذا، بلا شك، يفرض تحدياً صعباً أمام أجهزة الأمن في مختلف الدول ويضع على كاهلها مسؤوليات كبيرة. يأتي ذلك في الوقت الذي برزت فيه النشاطات الإرهابية والتوجّهات المتطرّفة بشكل ملحوظ في أماكن عدة في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الماضية، ويحاول تنظيم «القاعدة» تعزيز حضوره واستعادة نشاطه مستغلاً ظروف الاضطراب الأمني والسياسي التي مرّت وتمر بها بعض الدول في المنطقة، وهذا يشير بوضوح إلى أنه على الرغم من الحرب العالمية ضد الإرهاب، التي انطلقت منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر في عام 2011، والضربات القوية الموجعة التي وجّهتها هذه الحرب إلى الجماعات والعناصر الإرهابية حول العالم، فإن قوى الإرهاب ما زالت تعمل، في الخفاء والعلن، لتنفيذ مخطّطاتها، وما زالت تحاول إثارة الفوضى والاضطراب وتهديد الأمن والاستقرار في العالم، والعمل على المناورة على الحرب ضدها بطرق مختلفة، والمراهنة على عامل الوقت. وبالتأكيد هذا يحتاج إلى يقظة عالمية مستمرة، وإدراك أن الأمر يتعلّق بحرب ممتدة ومعقّدة في الوقت نفسه، ومن ثم تتطلّب تعاوناً دولياً فاعلاً من ناحية ورؤية شاملة في التعامل مع الخطر الإرهابي من ناحية أخرى، لأنه خطر كونيّ يهدّد العالم كله من دون استثناء. من خلال جميع القراءات التي تشير بأن الإرهاب يمثّل خطراً ممتدّاً على أمن المجتمعات واستقرارها وتنميتها، والتي كان آخرها ما أعلنه المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية عن ضبط خليّتين إرهابيتين في كلّ من الرياضوجدة كانتا تخطّطان لهجمات إرهابية نوعية تستهدف بشكل خاص قوات الأمن والمنشآت العامة، وأن هذه المخططات كانت قد وصلت بالفعل إلى «مرحلة متقدّمة». خلاصة القول، لابد بأن نعي بأن منبع الإرهاب هو «الفكر» الذي يقوم على التطرف والتعصّب والتكفير ونبذ الآخر، ومن ثم فإن التصدّي له يبدأ في المقام الأول بمواجهة هذا «الفكر» سواء من خلال التعليم أو عبر وسائل الإعلام والأدوات الثقافية والمؤسسات الدينية وغيرها من الوسائل التي يمكن أن تساهم في هذه المهمة لتخفيف العبء على كاهل أجهزة الأمن، لأنه إذا كان على أجهزة الأمن في الدول المختلفة مهمة كبيرة وأساسية في التصدي لأعراض التطرف ونتائجه، فإن اقتلاع هذه الظاهرة من جذورها يقع على عاتق المؤسسات التعليمية والتربوية والتثقيفية وغيرها، ما يحقّق المواجهة الشاملة للإرهاب ويحصّن الدول والمجتمعات ضد شروره ومخاطره. وبالتالي فإن تضافر الجهود والتنسيق مع أجهزة وزارة الداخلية سيجعل من مهمتهم أسهل بحيث تسهل عملية الوصول إلى من هم في الطريق إلى هذا الفكر. والله الموفق [email protected]