غداً الثلاثاء، ستزف أمريكا قائد العالم الجديد إلى البيت الأبيض، ومعركة الرئاسة محصورة واقعياً بين الرئيس الحالي الديمقراطي باراك أوباما، وخصمه المرشح الجمهوري ميت رومني، مع أن هناك عشرات المرشحين الآخرين، والذين تحدثت عنهم بالتفصيل في مقال السبت الماضي!، ومع أن الرئيس أوباما كان واثقاً من الفوز حتى قبل شهر من الآن، إلا أن الأمور انقلبت رأساً على عقب بعد المناظرة الأولى بينه وبين رومني، فقد جاء إلى المناظرة وهو واثق الخطى، ففاجأه رومني، والذي كان مستعداً لهذه المهمة بشكل كبير، إذ استعان بالكثير من الخبراء، وتدرب على أيديهم على مدى أسابيع، فأسقط في يد أوباما، والذي لم يعتد على الخسارة طوال حياته، فماذا فعل؟!. استعد أوباما للمناظرة الثانية ليعود للجمهور كما هو بلا رتوش، أي أوباما المثقف، صاحب الكاريزما الساحرة، واللغة الراقية، أوباما الواثق من نفسه، كقائد لأعتى قوة عالمية، وهذا ما حصل بالضبط، فقد كان كما عهده الناخبون، بل وأكثر، ومثل هذا فعل في المناظرة الثالثة والأخيرة، والتي كان موضوعها هو الحقل الذي يبرع فيه، أي السياسة الخارجية، وحينها بدا خصمه رومني في مواجهته كتلميذ في قاعة دراسية، وقد قال أحد المحللين لقناة سي ان ان بعد تلك المناظرة: (إن رومني كاد أن يعلن دعمه لأوباما في سعيه نحو إعادة الانتخاب)!، في إشارة إلى عدد المرات التي اتفق فيها رومني مع آراء أوباما، ومع كل هذا التميز الذي أبداه أوباما في المناظرتين الأخيرتين، إلا أنه لم يفلح في الحد من وهج رومني كثيراً، فقد كانت الأرقام -ولا زالت- تشير إلى منافسة حامية الوطيس قل أن يكون لها نظير فيما مضى، وبينما كانت كل الأنظار شاخصة صوب هذه الانتخابات جاءت العاصفة المروعة «ساندي»، فماذا فعلت؟!. لقد كانت واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في التاريخ الأمريكي، إن لم تكن أسوأها، وزاد الأمر سوءاً أنها ضربت عدة ولايات، أهمها ولاية نيويورك، القلب النابض للولايات المتحدةالأمريكية، وقد جرت العادة على أن يصطف الشعب الأمريكي خلف رئيسه أثناء الأزمات والحروب، كما حصل أثناء الحرب العالمية الثانية، وذلك عندما تمت إعادة انتخاب الرئيس روزفلت للمرة الرابعة في عام 1944، وهو في حالة مرض شديد، ومات بعد انتخابه بعام!، وكذلك انتخاب الرئيس جانسون أيام حرب فيتنام في عام 1964، ولذا فإن المرجح هو أن تخدم هذه الكارثة الرئيس أوباما انتخابياً، خصوصاً وأنه تعامل معها كما يجب، وتسامى فوق الخلافات الحزبية ليعمل يداً بيد مع الحاكم الجمهوري لولاية نيوجرسي السيد كريس كريستي، وهو ما جعله يبدو كرئيس تهمه مصلحة الوطن والناس خارج حسابات المصالح الانتخابية، فهل يا ترى سيفوز بفترة رئاسية ثانية؟. أتابع الانتخابات الأمريكية منذ زمن طويل، ونادراً ما رأيت حماساً منقطع النظير في الداخل الأمريكي لمثل هذه الانتخابات، ومع أن المقارنة من حيث القدرات والكفاءة بين أوباما ورومني تصب في صالح الأول، إلا أن الأرقام تشير إلى تقارب كبير بينهما يصعب معه توقع الفائز، ومع ذلك فإنني أتمنى وأتوقع -بحذر شديد- أن يفوز أوباما بفترة رئاسية ثانية، ويدخل التاريخ للمرة الثانية على التوالي، وهذا سيكون -من وجهة نظري- في صالح الشعب الأمريكي، بل والعالم أجمع. فاصلة: «لست ضد الحرب.. أنا ضد الحروب الغبية فقط!»... باراك أوباما. [email protected] تويتر @alfarraj2