ما كانت واشنطن تخفيه طوال أشهر كشفته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، التي ألمحت بأنَّ المتطرفين يختطفون الثورة السورية، وأن واشنطن ستتجاوز المجلس الوطني السوري كممثل يتزعم المعارضة السورية، موضحةً بأنَّ أيام المجلس الوطني قليلة..!! هذا القول ليس جديداً على الأمريكيين الذين ومنذ انطلاقة الثورة السورية لم يكن لهم موقف ثابت من هذه الثورة، إذ هناك تناقض بين عدة مواقف وإن كان واضحاً أن هناك رابطاً وثيقاً بين موقف واشنطن وما تريده تل أبيب التي لا تريد تغييراً فيمن يحكم سوريا، خصوصاً إذا ما قُدِّر للقوى الإسلامية أن تصل إلى الحكم مثلما حصل في مصر وتونس وليبيا، لأنَّ الحكام الجدد لن يرضوا أن تظل الجولان السورية أسيرة الاحتلال الإسرائيلي، ولهذا فإنَّ الأمريكيين الذين يربطون كل توجهاتهم السياسية والأمنية بالسياسة الإسرائيلية لا يريدون تغييراً في الحكم في السورية، وإن سمحت بإجراء بعض التغييرات تجعل الحكام في دمشق أضعف من السابق، وأن يفكوا ارتباطهم بإيران، أما أن يصل إلى الحكم في دمشق نظام يهدد أمن إسرائيل فلن تعمل واشنطن على تحقيق ذلك. وقد حاولت الأوساط الأمريكية وعبر وسطاء كثر أن تكون هناك قناة اتصال بين المجلس الوطني السوري وإسرائيل حتى تساعدهم إسرائيل في الإطاحة بنظام الأسد، إلا أن أعضاء المجلس الوطني السوري رفضوا الفكرة، ورفضوا مجرد الحديث عن ذلك، ومن يومها خفَّ حماس واشنطن في دعم الثورة السورية، بل إنها تضغط على حلفائها الأوروبيين وأصدقائها من الدول الإقليمية في عدم تقديم الأسلحة النوعية التي تساعد الثوار على حسم الأمر. وقد حاولت واشنطن عرقلة مشاركة وفد المجلس الوطني في الاجتماع الأخير لأصدقاء سوريا الذي عُقد في شهر سبتمبر في نيويورك، إلا أنَّ إصرار المملكة العربية السعودية وقطر على أهمية وضرورة مشاركة المجلس الوطني السوري فرض على واشنطن الرضوخ لإرادة الموقف العربي. والأمريكيون الذين يتحججون بزيادة العناصر المتطرفة ممن يسمونهم بالجهاديين على الأرض السورية، سببه إطالة فترة النزاع التي إتاحت لمثل هذه العناصر التسلل إلى سورية والتي سيزداد عددها إن لم يُحسم الأمر مبكراً. فإذا أرادت أمريكا أن تنهي هذا الأمر فعليها أن تحدد موقفاً واضحاً في دعم الثوار السوريين، وأن ترفع يدها من منع مؤيديهم وأصدقاء سورية من مساعدة الثوار لإحداث التغيير الذي ينهي معاناة الشعب السوري المجاهد. [email protected]