مكة المكرمة هي العاصمة المقدّسة للمملكة العربية السعودية، ولها أسماء عديدة منها أم القرى وبكّة والبلد الحرام والبلد الأمين، وتحظى بتقدير ومكانة لدى المسلمين والمسلمات في شتي أنحاء العالم، حيث يقصدها آلاف المسلمين من كل صوب لأداء مناسك العمرة والحج، حيث يستمتعون برؤية المسجد الحرام والكعبة المشرفة والصفا والمروة وبئر زمزم ومقام إبراهيم عليه السلام، إضافة إلى المشاعر الأخرى مثل عرفات ومزدلفة، وأكثر ما يمكث الحاج بمشعر منى، حيث تحتضن جبال منى أفواج الحجيج وأصبح منى جزءاً من مكة والمبيت في منى جزء من أعمال الحج، فمن مناسك الحج أن يبيت الحجاج في منى يومين لمن تعجّل، أما الليلة الثالثة فتكون واجبة في حقِّ من تأخر، ولابد للحاج أن يكون داخل الحدود الشرعية لمنى وفيها يوم الحج الأكبر يوم النحر، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر «هذا يوم الحج الأكبر» نعم إنه يوم الحج الأكبر، حيث أعمال الحج .. أقول: أعمال وليست أقوالاً.. سلوك عملي.. في هذا اليوم الذي يبدأ من الوقوف بالمشعر الحرام حيث: مزدلفة أو يوم جمع بالقرب من منى، ثم الدفع منه إلى حيث منى، حيث الرمي والنحر والحلق وطواف الإفاضة والمبيت بها، ويوم العيد بمنى يملأ القلوب أملاً وحباً، حيث المواقع التاريخية شاخصة تحدث عن الأجيال المتعاقبة ومنها: الجمرات الثلاث، ومسجد الخيف، وكانت هذه منازل منى والواقع لها حرمتها وموقعها في القلوب حتى في الجاهلية؛ لأنها أي: منى منذ النداء الأول للحج {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}، ولمنى علاقة بإبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، حيث إنّ منى موقع الفداء ففدي إسماعيل عليه السلام بذبح عظيم، ولها علاقة تاريخية بانتشار الإسلام وحجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، لأنّ بمنى بيعة العقبة الأولى التي حضرها (اثنا رجلاً) من أهل يثرب وبيعة العقبة الثانية التي حضرها 70 رجلاً وامرأتان، فتاريخها منى تاريخٌ مفصلي، وبها مواقع تاريخية مثل الخيف ومسجد الخيف التي صلّى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجد البيعة، كما أنّ لمنى وللخيف خاصةً والمحصب كلها لها ذكرٌ في الأدب شعراً ونثراً .. قال كثير عزة: ولما قضينا من منى كل حاجةٍ ومسح بالأركان من هو ماسحُ وشُدّت على حُدب المهارى رحالنا ولم يعلم الغادي الذي هو رائح أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا وسألت بأعناق المطيّ الأباطحُ وكم اشتاق محب إلى منى وعرفات .. قال الشاعر يخاطب الحجاج الذين رحلوا إلى منى وعرفات: يا راحلينَ إلى مِنَى بقيادِي هيَّجْتُمُوا يومَ الرَّحِيلِ فُؤادي سِرْتُمْ وسَارَ دَلِيلُكُمْ يَا وحْشَتِي الشَّوقُ أَقْلَقَنِي وصَوْتُ الحَادِي ومن نَالَ منْ عرفَاتٍ نظْرَةَ سَاعةٍ نالَ السُّرورَ ونالَ كلَّ مُرادِ تاللهِ ما أَحْلَى المبِيتَ على مِنَى في لَيْلِ عِيدٍ أبرَكِ الأعياد وقال العَرْجي: الحجّ إن حجت وماذا، منى وأهله إنْ هي لم تحجُج؟ وللعَرجي أيضاً: عُوجي علينا فسلمي جبرُ فيمَ الصدود وأنتمُ سفرُ ما نلتقي إلا ثلاث منى حتى يفرق بيننا النفْرُ وقال الفرزدق يخاطب جريراً : وإنَّك لاقٍ بالمنازلِ من منى فخاراً فحدثني بم أنت فاخر ويذكر مسجد الخيف كثيراً في التاريخ وفي الأدب وكذلك منى تبث الخيف في الشاعر الأشواق للعودة إليها مرة أخرى. يا زمان الخيف هل من عودة يسمح الدهر بها من بعد ضن أرضينا بثنيات اللوى عن زرود يا لها صفقة غبن سل أراك الجزع هل مرت به مزنة روت ثراه غير جفنى وأحاديث الغضا هل علمت انها تملك قلبي قبل أذني ويتكرر خيف منى على لسان الشاعر المحب: يا رفيقي اهدياني دارهم ودعاني ودعاني وثراها انا مقتول بسهم غرب قوسه خيف منى أو ما زماها حرم الصيد على من حجه فانظرا إلى مهجتي من قد رماها اكتبا في لوح قبري عشتما مهجة ماتت وما نالت مناها ويذكر الشاعر: المحصب، والخيف، ومنى، وجمع وكلّها بمكةالمكرمة. كم بالمحصب من عليل هوى طريح لا يعلل وقتيل بين خيف منى وجمع ليس يعقل