كلُّ عام وجميع المسلمين بخير، والحمد لله الذي أعاد مناسبة عيد الأضحى المبارك والأُمّة العربية والإسلامية ترفل بالعزِّ والكرامة. الحمد لله نردِّدها نحن أبناء المملكة العربية السعودية ملكاً ووليّ عهد وحكومة وشعباً، بعد أن أُنجز القسم الأهم والأكبر من موسم الحج، وأدى ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام نُسكهم وسط تكامل نموذجي للخدمات، محفوفين بالرعاية والاهتمام من جميع أبناء المملكة، فالكل أدى واجبه ونافس أخاه في تقديم الأفضل، مرضاة الله وتأدية لواجب شرّفهم الله به دون سائر الدول. ومع استقبالنا اليوم الأول من أيام التشريق فرحين بقدوم العيد المبارك، سعيدين بما قُدِّم لضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام، مسرورين بتمكُّنهم من إنجاز الجزء الأكبر من حجهم، كانت أفئدتنا وأنظارنا متجهة إلى سورية الجريحة، سورية الثائرة التي ابتلاها الله بحكّام ظلمة، ما إنْ انتهينا من ذبح أضاحينا، حتى تابعت العيون أجهزة التلفاز لمعرفة صدق نظام لم نعتاد منه سوى الغدر ونقض العهود، فقد كنا نتوقّع أن لا تصمد «هدنة اللحظة الأخيرة»، التي زعم نظام بشار الأسد الموافقة عليها، بعد مبادرة المبعوث الأُممي والعربي الأخضر الإبراهيمي. وإذ كانت المقدِّمات تنبئ بالنهايات وما تفرزه من نتائج، فقد كانت البداية تشير إلى نكوص في العهد وإلى اقتناص أيّ فرصة لتشكِّل «عذراً» للتحلُّل من «هدنة العيد»، فقد لاحظ المراقبون أنّ قرار نظام بشار الأسد بالموافقة على الهدنة تم في الساعات الأخيرة، وفي الوقت الذي كان الحجاج يستعدون فيه للنَّفرة من جبل عرفات، ثم إنّ قرار الموافقة صدر عن قيادة الجيش، وكأنّ الهدنة تخص طرفين تحت جناح النظام، وأنهما يخوضان اشتباكات ومعارك أهلية، مع معرفة الجميع أنّ ما يحصل في سورية ثورة ضد نظام جائر ورئيس ظالم. وفعلاً لم تمض ساعات قلائل إلاّ وانتهكت قوات نظام بشار الأسد الهدنة، في حمص ودمشق ودرعا، وأطلقت النيران على المتظاهرين السلميين، ليثبت بشار الأسد أنه شخص لا يمكن الوثوق به، وأنه لا يفرِّق بين عيد وبين مناسبة دينية وبين أيام عادية، لمواصلة قتل الشعب السوري الذي سقط منه أكثر من 35 ألف شهيد، ضحية ممارسات هذا المجرم الذي لم يستشعر أمانة الحكم أو التكليف الذي سيُسأل عنه يوم القيامة إنْ فَلَت من المحاكمات الدنيوية، شأنه في ذلك شأن كثير من الحكّام الظلمة الذين لم يؤدوا أمانة حماية الشعوب التي في أعناقهم، وإنْ نال بعضٌ منهم جزاء إجرامه فعوقب في الدنيا، فإنّ الحساب العسير ينتظرهم في الآخرة من ربٍّ وحاكم عادل. [email protected]