تُعدُّ ظاهرة الافتراش في الشوارع والطرقات في مناطق المشاعر المقدسة من أبرز الظَّواهر التي تعيق حركة الحجيج والأجهزة الضروريَّة الخدميَّة في الحجِّ من المرور وسيَّارات الإسعاف والدفاع المدني. ومن أسباب افتراش الحجاج للطرق والممرات، ارتفاع نسبة التخلف سواء من عمرة أو من الأعوام السابقة أو عدم ارتباط كثير من الحجاج بحملات الحجيج، وهناك الجهل وعدم الوعي، ويا ليت يكون وعيًا للحجاج من بلادهم قبل قدومهم بأن موتهم تعمدًا ليس بشهادة، بل انتحار. أما الأضرار الواقعة على الحجاج بسبب هذه الظَّاهِرَة فهي عديدة، منها: 1) انتشار التسوّل في الأماكن التي يكثر فيها افتراش الشوارع والطرقات، حيث انتشار المتسولين وبعاهاتهم وأطفالهم الصغار يعيق التحرك في الحجِّ؛ حيث زيادة الأعداد وابتزاز الحجاج بقصد الحاجة، ولو خرج هذا المتسوِّل في اليوم بريال واحد من كل حاج لخرج من الحجِّ بثلاثة ملايين ريال. 2) انتشار البيع في كلِّ مكان، كذلك يُعدُّ ظاهرة غير حضاريَّة، وله ضرره على الحجاج. 3) تزاحم الحجاج وما يتسبب عنه من اختناقات ومشكلات صحيَّة واجتماعيَّة. 4) انتشار النشل والسرقات والاختلاس بين الحجاج نتيجة الازدحام والافتراش. إن الافتراش مشكلة مُتعدِّدة الرؤوس أشبه بالحلقة المفرغة (الحلزونيَّة)، الجميع يشترك فيها، كل بحسبه وإن تفاوت حِدّة وأثر كل جانب. ومن هنا يمكن القول: إن التنظيمات الإداريَّة وخصوصًا لحملات الحجِّ في حاجة ماسَّة إلى فعاليَّة وكفاءة وسيطرة فائقة لتكون أكثر إتقانًا ومرونة. كما أن الجانب السلوكي لدى بعض الحجاج عاملٌ مؤثِّرٌ بشكل كبير في ظاهرة الافتراش، إذ يعم الجهل ويغلب وخصوصًا عند كبار السن والنساء مع قلَّة الوعي بضرر وأثر هذه الظَّاهِرَة عليهم سلبًا بالدرجة الأولى. كذلك الدعاة في حاجة إلى تكثيف وجودهم وطرق توعيتهم وأساليب توجيههم ووسائل التحذير من خطر وضرر هذه الظَّاهِرَة على الجميع. ولا شكَّ أن الجانب الأبرز لهذه الظَّاهِرَة يمتثَّل في العنصر الاقتصادي المادي؛ إذ قلّة ذات اليد تجعل من المتعذِّر على كثير من الحجاج السكن والعيش في أماكن مناسبة، مما يُضْطر أغلبهم لافتراش الشوارع والطرقات والكباري. إن هناك خطوات وإجراءات مهمة يمكنها الحدّ من ظاهرة الافتراش وتقليل أضراره، ومن ذلك: أولاً: تفعيل دور وواجبات الأمن الجنائي، إذ إن من مهامه الأساسيَّة تسيير دوريات تحرّ لضبط النشالين وتكوين فرق ميدانيَّة مُعيَّنة بإزالة المباسط التجاريَّة التي تعيق سير الحجاج وكذلك منع الافتراش. ثانيًا: تجهيز طرق المشاة وخصوصًا الرئيسة منها وذلك بإزالة كافة المعوقات وإقامة مناطق مراقبة عليها لمتابعة سير المشاة وكثافتهم وأماكن توجههم وتحديد الأماكن التي يُتوقّع فيها كثافة تتجاوز سعة الشوارع. ثالثًا: التنسيق بين الأجهزة الأمنيَّة مع وزارة الحجِّ لفتح مخارج الطوارئ عند ازدياد كثافة الحجاج في الشوارع. رابعًا: قيام قوة تنظيم المشاة بمنع الافتراش بمساندة من المسؤولين في الإمارة والأمانة للمدينة داخلها وخارجها وشوارعها. خامسًا: نشر فرق ميدانيَّة لإزالة المباسط العشوائيَّة والباعة المتجولين من المتخلفين والتنسيق مع أمانة مكةالمكرمة لتحديد أماكن بيع المواد الغذائيَّة في أماكن بعيدة عن حركة الحجاج لتقليل الحشود والتجمعات. - عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية