من الأخطاء التي وقع فيها بعض الزوجات أنها تريد أن تعرف كل شيء عن زوجها، وتظل تحاصره في كل شيء، وتقطع عليه نشاطاته وتفاجئه، وتظل تتابعه وتبحث في جوالاته، وتقلب جواز سفره، وتعبث في أشيائه، وتكثر من الأسئلة عليه، بل قد تثور عليه إذا أحست بشيء يحتمل أن يكون ضدها، وقد يسوء الأمر إلى أن تخمن أشياء أو تضع احتمالات لم تحدث، وتناقشها مع زوجها، وهي تفعل ذلك بحجة أنها تحبه وتغار عليه، وأنه ليست خادمة في البيت، وأنها ذات شخصية؛ لذلك فهي تتدخل في كل شيء، وقد فاتها بعض الاعتبارات، وانحدرت إلى تصرفات كالآتي: 1- عدم ضبط التفكير: وهو أن تعرفي كل شيء يجعلك تفكرين في أشياء لا تستطيعين التحكم فيها، وهذا يزيد القلق عندك. كما أنه قد يكتم عنك زوجك بعض الأشياء التي ربما لم تصل إلى قرار نهائي، أو قد يتراجع عنها، أو كانت مجرد استطلاع، وبالتالي قد لا يستطيع أن يعطيك معلومات أكيدة حتى لو أراد لأنه لم يصل إلى القدر المعقول من المعلومات بعد. 2- سلب الخصوصية: إنه بوصفه رجلاً له شخصية، وقداسة الشخصية في استسرارها، ومن حقها أن تحفظ شيئاً بين الضلوع. بيد أنك تقعين فيما يغضبه، وتحسسينه بأنك تتجسسين عليه، وقد نهانا الله عن التجسس، قال تعالى {وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} (12) سورة الحجرات. 3- تحميل النفس فوق الطاقة: إنها تحمل نفسها فوق طاقتها، وقد نهانا تعالى عن ذلك، قال تعالى {رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ} سورة البقرة الآية الأخيرة من السورة، فأنت إذا أردت معرفة كل صغيرة وكبيرة عن زوجك ستضعين نفسك تحت ضغط شديد. 4- التسرع: تكونين عرضة في اتخاذ القرارات، فهناك امرأة قد أدخلت زوجها في مشاكل مع أهلها، وبالغت في شكواها لمجرد أنها شكّت في غياب زوجها أربعة أيام، وأخرى لاحقت زوجها بالتساؤلات وكثرة الاتصالات؛ فضاق بها ذرعاً، وابتعد عنها. 5- التدخل بينه وبين أهله: فإذا أعطى إحدى قريباته تريدين أن تعرفي كم أعطاها، وإذ اشترى هدية صغيرة إلى ابنة أخيه المحتاجة هل لا بد أن يخبرك؟ أو أعطى عمته العجوز 500 ريال، بل إن بعض النساء تقوم بالشد عليه بأنه ما دام أعطى قريبته فلا بد أن يعطيها هي أيضاً، وتعيش وكأنها في سباق مع أي نشاط يقوم بعمله، لا بد أن تطلع عليه أو تشترك فيه. هذه التصرفات تتعبك وتشغل بالك، وفيما بعد لن يحصل إلا الذي أراد الله أن يصير، بل أنت عرضة لأن تفقدي الوضع الذي أنت فيه، أو تخسري زوجك، إنه بوصفه رجلاً ربما تمر به أوقات يريد أن يخلو فيها بنفسه، وأنه حتى وأنت تحبينه لا بد أن تعطيه قدراً من الخصوصية؛ فهو بوصفه إنساناً قد يحتاج إلى أن يبتعد حتى عن نفسه في وقت ما أو ظرف ما، فكيف لا يبتعد عنك قليلاً؟ وهناك أشياء يود ألا يذكرها حتى لنفسه. يجب أن تعرفي أن قيمة المعلومة بقدر استخدامها، كما أن المعلومات التي تسعين لمعرفتها يجب أن تتساءلي هل ستستفيدين من الحصول عليها؟ ربما لا تحتاجين إليها! وربما يلزمك أدلة عليها أكثر! وربما لها تفسير غير الذي تتوقعينه! يجب أن نحب الآخرين بطريقة صحيحة، وأنت عندما تحبين زوجك فهذا لا يعني تملكه. أما إذا كانت هناك أمور تبعث على الشك، أو أن هناك معلومات تشير إلى ضرر لو استمر فيها زوجك، فينبغي أن تذكريه بأنك أنت أو الناس لستم الرقيب، ولكن الله هو الرقيب، وأنه قبل أن يكون قد خانها فإنه يخون الله إذا أوقع نفسه في شيء، كما قال تعالى {وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} (71) سورة الأنفال، وأنه أمام الرجل المهيب لا يفعل تلك الأفاعيل فنفسه أولى بالاحترام. حثيه على الانتباه لأية عوامل خطرة أو احتمالات ممكنة ينبغي الحذر منها، ذكِّريه بنعمة الله عليه، وحثيه على المحافظة عليها وإرشاده إلى تغيير عاداته السيئة، ووجهيه إلى التفكير في واجب الوقت الحالي والحرص على ما ينفع واستدراك أشياء قد فاتته في حياته بسبب تلك الهفوات التي شغلته عن الأشياء الجيدة. التفكير في التصرف المناسب لك؛ ذلك أن إلقاء الألفاظ والصياح والسب ونعته بالخائن لمجرد أنك وجدت هفوة عليه، والمسارعة إلى أهلك بأية دليل مادي بسيط، الذين هم في صفك سلفاً، أسلوب يجعلك تستمتعين بإدانته، والكل سيقف معك في البداية، لكن يجب أن تزني الأمور بطريقة صحيحة ومتناسبة مع مقدار الخطأ، وفكري ما هو التصرف الحكيم.