العاقل من اتعظ بغيره، ولكن ماذا نقول عمن اتعظ بنفسه ؟ وما أبلغ العبر والعظات حينما تأتي على لسان من خاض التجربة بنفسه، ومن عايش الأمر بتفاصيله، وما أصدق العظات والتحذيرات حينما تأتي من شخص مجرب وعليم ببواطن الأمور، هكذا جاءت هذه الاعترافات والعبر والعظات من أحد الشباب الذين خاضوا تجربة الإدمان وتجرعوا مراراتها ونتائجها الكارثية على مستوى الأسرة والمستقبل وعلى الصعيد الشخصي إذ يقول : بدأت قصتي الأليمة مع المخدرات منذ الصغر وتحديداً أيام المراهقة حيث تأثرت برفقاء السوء الذين أوهموني بأن المخدرات تجلب السعادة (الزائفة) حيث بدأت التعاطي بعد طردي من قبل والدي خارج المنزل سامحه الله الذي كان يتعامل معي بعنف شديد وكان العيش بالنسبة لي في الشوارع أرحم بكثير من العيش في المنزل ففضلت البقاء في الشارع وكان عمري في ذلك الوقت خمسة عشر عاماً وأنشأت علاقات مع مجموعة رفقاء كنت أعتبرهم من خيرة الأصدقاء لمعاملتهم اللطيفة معي وعشت معهم وأكملت رحلتي المريرة وتطور بي الحال بعد إدماني على المخدرات إلى السرقة من أجل توفير الجرعة المخدرة توالت السنوات وأنا غارق في ظلمات المخدرات وعالمها وعانت أسرتي الكثير وخسرت بسببي علاقاتها مع الأقارب والجيران والأصدقاء ففكرت والدتي بتزويجي لعل الزواج يكون سبباً في استقراري وبعدي عن أصدقاء السوء والبعد عن تعاطي المخدرات التي لا يوجد نوع إلا وقد جربته بمشورة من رفقة السوء حيث كانوا يقنعوني بأن كل نوع وله صفات معينه من حيث النشوة والسعادة وعدم اكتشاف أمري حتى أصبحت مدمناً على كثير من الأنواع أخرها الهيروين الذي عانيت الكثير من إدمانه بعد زواجي كوني لم أتعامل مع حياتي الزوجية كما يجب ولعدم معرفة زوجتي بكيفية التعامل معي كرجل مدمن لجهلها بالمخدرات وكانت تظن أنني أعاني من مرض نفسي نتيجة تصرفاتي عند حدوث الأعراض الإنسحابية، رزقت بمولود ولكن لم أفرح مثل أي أب يرزق بمولودة الأول كوني عند ولادته كنت تحت تأثير المخدر وولد أبني البكر مشوهاً وكان هذا المولود المبارك سبباً في هدايتي بعد الله ففي يوم من الأيام وأنا جالس كان إبني يصرخ وكنت أنظر إليه وأتفكر في حاله وكيف كنت أنا السبب فيما حصل له مع أنني مؤمن بالقضاء والقدر إلا أنني أخذت على نفسي عهداً بأن أذهب إلى مستشفى الأمل للعلاج من الإدمان ولأتمكن من علاج إبني من التشوهات التي لحقت به وبالفعل تمكنت بعون الله ثم بالإرادة القوية من العلاج وأحمد الله على الهداية والآن أقوم بعلاج أبني من التشوهات الخلقية وبدأ في التحسن وأنصح كل شاب أبتلي بهذا الداء الفتاك بأن يتجه إلى أقرب مستشفى متخصص ولا ييأس فرحمة الله واسعة. كما أنصح كل مراهق ألا يثق في من يوهمونه بأنهم أصدقاء وهم أعداء في صورة أصدقاء الا الذين يدعون الى الخير ويحرصون على الصلوات ويكونوا مجتهدين ومتفوقين دراسيا، أما من يهملون دراستهم وعباداتهم ويعصون والديهم فهؤلاء هم الأشرار فلا تصاحبوهم أبدا ولا تجالسهم ولا تمازحوهم لأن ذلك بداية الطريق الى عالم الضياع .