الحب عاطفة سامية، حيث تُبذر تنمو.. ومتى تُسقى تتسع.. وحين تُخلَّص من شوائب الريح، لا تنكسر.. ومتى تُحمى من وهج النار، لا تموت.. والوطن الحب، هو الأم وحضنها، والأب ومظلته، والإخوة ورفقتهم، والجار وظهره.. والحبيب وسكنه، والابن وقرَّته..، والعمل وإتقانه، والأخلاق ورفعتها..!! وهو السلوك، والخفق، والفكر، والخوف، والأمان.. هو الكل في الكل، حين يصفو هذا الحب من مشوبات ما عدا ذلك كله.. وحين تتدرب العاطفة في نموها، لتصبح من بذرة طبيعية في كيان الأصل من تركيبة الإنسان، وواحدة من غرائزه إلى كيان ملء الجوف.. ولمس الحس، وضوء الرؤية.. فيكون الوطن الهواء الذي يغذي الروح.. والصدر الذي يشهقه، ويزفره.. واللسان الذي يلهجه، وينطقه.. بل الساعد الذي يبنيه، والعقل الذي يشيده، والروح التي تفتديه.. هذا الخلوص للوطن، وبالوطن.. هذا الحب، دربوا عليه عاطفة صغاركم.. فلا آمن للمرء من الوطن..، ولا أمن عليه إلا به.. وفيه، وله.. فوحدوا عاطفتكم للوطن.. وأخلصوا العمل له.. واجمعوا شتات أهوائكم عليه.. وإن كانت البيوت عورة.. فالوطن العورة الأكبر.. هو أنا وأنتم، أخلاقنا، وعملنا، وسلوكنا، وإيماننا، وأفعالنا، ومواقفنا.. هو قوتنا، وضعفنا.. هو من يمنحنا أيضا كل هذا فلا نشت أو نتوه.. فله رعاية الحب بالإخلاص له،.. هو الحب.. في كل واردة، وشاردة بين المرء، ونفسه.. وبينه، والخارج عنه.. ما يرغب المرء أن يكون فيه، وعليه هو حصاد ما يقدمه في مواقع العمل، من الجد، والإتقان، والوفاء.. وما تزرع ساعداه، وعقله، وحسه، هو ما تحصد حياته، ومعاشه... الوطن حب فردي صادق، وحب جمعي متحد، هو في الخلاصة نفس المرء بين جنبيه، حساً.. وهو محيطه الخارج عنها أرضا، وسماء، وجارا، وموقع عمل. هو تبادل حب، بين المرء وغيره، وبينه ورعاته، وبينه وكل من وما فيه.. الوطن حب مسؤول، له كفتان، أحدها الفرد والجماعة، والآخر الرعاة، والأنظمة.. ما كان الوطن هو هذا الحب الصادق بلا غش..، رجحت الكفتان، واستوى الميزان بذلا..، وعطاء..، وتفانيا.. متبادلا بين الكل لهذا الحب في الصدور، والعقول، والسواعد.... على هذا المفهوم للوطن.. فإن الصغار يحتاجون لأن تدرب العاطفة فيهم على سلامتها، بصحة هذا الحب في قلوبهم... الوطن. عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855