المتابع للفكر والسلوك التنموي لنساء الأُسرة المالكة، يجد أنه ركّز على ثلاثة مجالات رئيسية وهي: الصحة، الأمان الأُسري، الثقافة والفنون .. وكان لهذا الفكر دور تنموي محوري مؤثر في تأسيس العمل الخيري وتفعيل دوره التنموي.. من خلال تصدّيه لمعالجة المشاكل الاجتماعية وأسبابها، مثل الفقر واليتم والعنف الأُسري والطلاق والبطالة والتنمية البشرية وتنمية الثقافة الحقوقية للمرأة، وتحفيزها للمشاركة الفاعلة في التنمية، في إطار الضوابط الشرعية ومتطلّبات الواقع الميداني. ولو نظرنا حولنا لوجدنا أنّ أقدم وأكبر المؤسسات الخيرية العاملة في المملكة، تم تأسيسها وإدارتها بجهود استثنائية من قِبل نساء الأُسرة المالكة.. فالأميرة سارة الفيصل تقف خلف قيام جمعية النهضة النسائية.. وهي ثاني أقدم جمعية خيرية يتم تأسيسها في المملكة وكان ذلك عام (1963م).. والأميرة موضي بنت خالد تقف خلف مؤسسة الملك خالد الخيرية.. والأميرة لطيفة بنت فهد تقف خلف مؤسسة العنود الخيرية.. وهما إلى جانب مؤسسة الملك فيصل الخيرية من أكبر الجمعيات الخيرية في العالم، إضافة إلى أنها تستند على أوقاف تضمن استمرار عملها الخيري إلى ما شاء الله.. والأميرة عادلة بنت عبد الله تقف خلف مؤسسة ليان للثقافة ذات الحضور الدولي والاهتمامات الصحية والثقافية الواسعة.. والتي تدير جمعيات أخرى مثل جمعية سند الخيرية المهتمة بسرطان الأطفال وجمعية بساط الريح المهتمة برعاية العاجزين من كبار السن، ولها نشاط مشهود في دعم جمعيات مكافحة العنف الأُسري ورعاية الطفولة، من خلال برنامج الأمان الأُسري.. ثم الأميرة سارة بنت مساعد التي تقف خلف مؤسسة مودّة الخيرية للحد من الطلاق وآثاره.. وكان لكلِّ تلك الجمعيات دور مهم في سنِّ أنظمة الحماية الأُسرية استفادت منها الأًسرة السعودية بشكل مباشر وغير مباشر. كما أنّ لنساء الأُسرة نشاطاً تنموياً إضافياً، من خلال منظومة «ملتقى نساء آل سعود» والتي يباشرن فيها أدواراً خيرية طارئة، منها تسهيل الإفراج عن المعسرين من سجناء الحق الخاص، ودعم شهداء الواجب ومتضرِّري السيول وتأسيس كرسي الأميرة صيتة لأبحاث الأُسرة السعودية.. ونتطلّع أن تلعب نساء الأُسرة المالكة دوراً ذا آفاق أوسع في مجال رفع جودة العمل الخيري عبر تنمية بيئته لتكون أكثر تحفيزاً لنجاح العمل فيه.. وتطوير قوالب مرنة تدعم العاملين في القطاع الخيري التطوعي تستخدم كمرجعيات تنمي الفاعلية والكفاءة التشغيلية.. لمَ لا والمهتمون بهذا القطاع يحملون همّاً إصلاحياً وطنياً وتطلُّعاً إلى مشروع حضاري على مستوى الوطن. إنّ وجود القدوات جانب أساسي في تنمية المجتمعات.. فالقدوات هم من يساهم في تحديد اتجاه سير الحراك الاجتماعي.. وما كان إجماع العقلاء عبر التاريخ على أنّ «الناس على دين ملوكهم» إجماعاً عابثاً أو خاطئاً.. فالناس دائماً يقتدون بالمثل العليا.. وإذا كانت القدوة خيّرة فالخير ينتظر ذلك المجتمع.