حرَّكت وزارة التجارة بشكل غير مسبوق موضوع المساهمات العقارية المتعثرة، بعد سنوات طويلة من الركود وعدم الجدية في تحريك ملف يُلامس آلاف المواطنين الذين ذهبت أحلامهم أدارج الرياح بسبب جشع ومماطلة أصحاب تلك المساهمات ونتيجة لغياب إرادة إدارية حقيقية لحل تلك المعضلة الاقتصادية التي ألقت وما زالت تلقي بظلالها على المشهد الاقتصادي العقاري. وعندما بدأت الوزارة في تطبيق إرادة حقيقية في تصفية أكثر من 200 مساهمة تصل قيمتها إلى أكثر من 40 مليار ريال، ظهر تحدٍ جديد وهو «اللوبي» غير المعلن لبعض المستفيدين من عدم تصفية تلك المساهمات أو من يرون في تصفيتها ضرراً على نشاطهم العقاري من ناحية زيادة العرض، وبالتالي انخفاض الأسعار، وهو ما يقلل هوامش الربح لدى بعض صنََّاع القطاع العقاري، ولعل ذلك يتضح من خلال انخفاض قيمة العروض التي تتلقاها لجنة المساهمات العقارية في آخر عمليات تصفية من خلال المزادات العقارية بالظرف المختوم، وما يتبع ذلك من اتفاقيات غير معلنة بين بعض المحتكرين لوضع العراقيل أمام تصفية تلك المساهمات أو الحصول عليها بأسعار زهيدة والمحافظه على استمرار احتكار القلة، ولكن سرّنا جميعاً قدرة الوزارة على تجنب تلك الضغوط الممنهجه ولم تضحِ بحقوق المساهمين في سبيل التخلص من بعض المساهمات، وأُشيد بقدرتها على اتخاذ القرار الصحيح بإيجاد طرق جديدة للتصفية من خلال البيع المباشر أو دخول المساهمين في التملك المباشر لتلك الأراضي أو تقسيم الأراضي الكبيرة لتسهيل بيعها. ولعل الفرصة مناسبة أكثر من أي وقت مضى للمضي قدماً في استحداث آليات جديدة لتصفية المساهمات، خصوصاً في ظل التوجه نحو نظام الرهن العقاري وكذلك التوجه لدى هيئة الإسكان في توفير مساكن ملائمة ذات قيمة مناسبة بالإضافة الي دخول مطورين عقاريين كشركاء في تصفية تلك المساهمات، ومن وجهة نظري أن ايجاد صناديق استثمارية لتلك المساهمات قد يكون خياراً آخر يضاف إلى الخيارات السابقة. لا أشك أن تلك الحلول ستضع السوق العقاري في مرحلة جيدة بعيداً عن احتكار القلة الذي عايشته السوق العقارية لفترة من الزمن وسيضعنا أمام صناعة سوق جديدة يحكمها العرض والطلب، ولا أشك أن هذه السياسة ستؤتي أكلها - بإذن الله - في رسم أسس السوق العادلة للجميع، وكذلك الأخذ بعين الاعتبار تبعات تلك الخيارات على مستقبل السوق. [email protected]