من درر العلماء في جمع الكلمة واتباع منهج السلف الصالح ودفع الفتن عن الناس، والحث على لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، ما جاء في الدرر السنية في الأجوبة النجدية (9-119) للعالم العلامة الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب المتوفى سنة: (1293) قوله: ((وأما ما قد يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج من الإسلام فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق، واتباع ما كان عليه السلف الصالح، من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس، واعتقاد أن ذلك من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد، وهذا غلط فاحش وجهل ظاهر، لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدين والدنيا كما يعرف ذلك من نَوَّر الله قلبه وعرف طريقة السلف الصالح وأئمة الدين)). انتهى كلامه. لقد كان الجهابذة من العلماء الربانيين يحرصون دائماً في دروسهم ونصائحهم على توجيه الناس إلى العمل بما كان عليه السلف الصالح من التعامل مع السلطان وولي الأمر، وكانوا ينطلقون في ذلك من أصول الكتاب والسنة، فإذا ما وقع خلل من الناس في هذا الباب بادروا إلى النصح والتذكير، ودعوة الناس إلى لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، لما في ذلك من المصالح الراجحة والمتحققة للعباد، كما أدرك أولئك العلماء خطر الخروج على الأئمة أو التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس بسبب ما يقعون فيه من الأخطاء. والشيخ عبداللطيف - رحمه الله - في هذه النصيحة بين أن ما يقع من ولاة الأمر من الخطأ والمخالفة فيما دون الكفر، فالواجب في ذلك المناصحة لهم بالمنهج المناسب الموافق لضوابط الشرع وترك التشنيع عليهم أو تتبع زلاتهم أو التشهير بها بين الناس، وأكد الشيخ بقول: ((من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس)). وهذه الجملة ينطبق عليها اليوم ما يقع من مظاهرات واعتصامات التي ثبت ضررها وخطرها، وحرمها أهل العلم لما تفضي إليه من المفاسد. ووصف الشيخ أن مَن يفعل ذلك فهو جاهل بمصالح الشرع، يسعى إلى تفريق كلمة المسلمين ونحو ذلك مما يدل على أن أهل العلم الربانيين هم صمام الأمان في حفظ كيان المجتمع من التصدع، وكل من أراد السعادة في طلبه للعلم أن يحذو حذوهم ويقتفي أثرهم خاصة في هذا المنهج الشرعي في التعامل مع ولاة الأمر ومعرفة حقوقهم ومكانتهم، وألا يكون باب شر وفتنة على الناس. والله ولي التوفيق. وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية