الزملاء في العمل والميدان الوظيفي هم محور نجاح الإدارة من عدمها.. فبتفاهمهم وتعاونهم وتبادل الأدوار الوظيفية فيما بينهم وحرصهم على حسن الأداء والارتقاء بمهامهم وواجباتهم الوظيفية وقيام كل منهم على خدمة زميله ومساعدته في القيام بواجباته الوظيفية وسد غيبته وإيثار بعضهم لبعض في كل ما يخدمهم (من دورات تدريبية وترشيح لمواقع أفضل وتقديم إجازته في الوقت الذي يناسبه وتقدير ظروفه وقدراته وإمكاناته وتزويده بالمعلومات التي تعينه على أداء واجباته الوظيفية بكل يسر وسهولة) وما إلى ذلك من الأمور التي تكون بين الزملاء والتي تتطور في كثير من الأحيان لتتحول إلى صداقة قوية ومتينة ومستمرة مدى الحياة. إلا أن هناك زميلاً أنانياً لا يحب إلا نفسه ولا يفكر في غيره ولا يهتم إلا بذاته ومصالحه الخاصة دون غيره ممن حوله من الزملاء، فلا يتعاون معهم ولا يسد مكانهم ولا يساعدهم ولا يقدر ظروفهم وقدراتهم وإمكاناتهم ولا دلالتهم على الخير والمنفعة الوظيفية لهم، فهو لا يفكر إلا في نفسه؛ حيث إن الأنا مرتفعة لديه، لدرجة أن يتناسا من حوله فتجده يتشاغل عنهم بأي أمر وإن كان تافها، أو يلجأ للجوال والانشغال باتصالات وهمية، وإن حدثته تظاهر بالنوم وهو على كرسيه، ومتى تحدث رفع صوته ليسمع الجميع حكاياته البطولية المكررة، وأفضاله وجمائله الوهمية على الغير. وما ذلك إلا لأن اهتمامه مقتصر على نفسه وحاجاته الخاصة، ونظرته لغيره نظرة دونية وسلبية؛ لأنه يشعر بالنقص، فهو لا يشعر بمن حوله، وليس لديه انتماء للزملاء وفريق العمل الواحد، والمنظمة التي ينتمي إليها. فأنانيته قاتلة وقد يتخذ من أسلوب الإرهاب النفسي وسيلة لتحقيق مآربه السيئة وإبعاد شبح النقد لإخفاقاته وفشله؛ لجأ لترهيب الزملاء. فنجده في أحيان كثيرة يؤكد على عمق وقوة علاقته بالمسؤول؛ بل يذكر أوصاف بيت المسؤول ليؤكد للجميع أنه واصل وذو علاقة قوية به، مع ذكر ما يؤكد هذه العلاقة بقصص مختلفة، ما علم أنه بمثل هذه الخرافات تعود سلبا عليه من الزملاء الذين يستهجنون مثل تلك الأعمال والأقوال، لقناعتهم أن من لم يحفظ سر المسؤول وحرمة بيته وأسرته، فهو ليس حري بإقامة علاقة زمالة معه، فضلا عن علاقة صداقة. بذلك خسر الزميل الأناني الزملاء، وقبل ذلك خسر نفسه وقيمته واحترامه ومكانته بين الجميع، فالأنانية داء مهلك. ولعل من أسباب ذلك، الخوف من كل شيء خاصة ممن حوله، والعيش في بيئة دلال ودلع وسط أسرته في طفولته، مما نماها لديه. وكذا لعدم النضج والوعي والإدراك الاجتماعي، وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، والالتزام بالكلمة والوفاء بالوعد. والزميل الأناني؛ يعطل عجلة النمو والسير والتقدم في الإدارة والمنشأة؛ لأنه يسعى لتحقيق نفسه وذاته قبل أي شيء بينما الإدارة تسعى لتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها، وتنفيذ خططها التوسعية والتطويرية المستقبلية. فالزميل الأناني؛ بذلك يسير بالإدارة نحو الاتجاه المعاكس والخاطئ، لذا سرعان ما يظهر فشله بين الزملاء والمسؤولين. فتنهار علاقاته الرفيعة والمتأرجحة، وإن اجتهد في تحقيق ذاته ومصالحه، فهي على حساب سعادته وعلاقته بزملائه وحسن أدائه الوظيفي. فالزميل الأناني؛ هو كالجرثومة في جسد الإدارة؛ والجرثومة داء يجب القضاء عليها واستئصالها، حتى تستقيم العلاقات بين الزملاء، وتسير الإدارة بالاتجاه الصحيح لتحقيق أهدافها، التي يعقيها مثل وجود الزميل الأناني. [email protected]