ليس المهم أن يكتب شاعر قصيدة ولا أن يتكون لديه عدد من القصائد أو المقطوعات التي يستطيع أن يدفع بها إلى إدارة المطبوعات ثم المطابع ليكون لديه كتابا يحمل اسمه وصورته يوسم بديوان فلان، إن المهم أن يكون ما دونه شاهد له لا شاهد عليه من كافة الوجوه، وعلى افتراض أن ديوانه سيقرؤه أحد سواء كان ذلك الأحد واحدا أو عشرات الآلاف وقد يبقى في متناول الناس لمدة طويلة فهل فكر ولو لدقائق ماذا أضاف لذلك القارئ وماذا أخذ منه. ولأن الكتابة مسؤولية عظمى وأمانة ثقيلة لا يستهين بها إلا جاهل أو عابث أو متربص فمن المهم الوقوف أمام مرآة النفس بكل تجرد وعرض ما كّتب على ميزان الحق في خفايا الوعي وتصور كم عدد الناس الذين أضاف لهم ما كتب من مّثل وكم ساهم في رقي أخلاقهم ورسخ من مبادئ ومُثل إذ يكفي فخرا أن يكون قدوة حسنة لعدد قليل من الناس، ويكفي إحساسا قاتلا بالندم بعد أن تزول فورة الشباب ونشوة التصفيق وبريق الشهرة لو تصور أنه كان محفزا أو دالا على خلق سيئ. وقد لا يكون سوء ما كتب إلا أنه أنتج شعرا هزيلا رديئا لا يرقى إلى مستوى الإبداع أو الإقناع وإنما عدد من الأبيات خاوية الفكر ضحلة المستوى ليس فيها مما يطلق عليه شعرا جميلا مدهشا باعثا على المتعة والفائدة كاملة الدسم. [email protected]