عندما تحركت «كتيبة» الأطفال صباح العيد لتجوب منازل القرية؛ كنا قد وضعنا في الأذهان بعض البيوت التي ستجود علينا ب «العيدية» التي كنا لا نعرف لها اسماً آخر، ولا يهمنا ذلك، إلاّ أننا عرفنا فيما بعد تسميتها عند أهل المدن ب»القرقيعان» صورة بسيطة وسريعة تمثل جانباً من عيد الطفولة بأفراحه ومفارقاته.. العيد الذي يأتي فيغمر الجميع بالبهجة والسرور وكل مظاهر الفرح عندما كانت الحياة بسيطة وخالية من تعقيدات التحضر، وعندما يأتي يحدث تغييراً لدى الكبير قبل الصغير ليس فقط بالملبس والمأكل، وإنما في نفوس البشر فيكون مختلفاً عن بقية أيام السنة.. مظاهر العيد في القرية كان إيقاع العيد ومظاهره مختلفة من منطقة إلى أخرى، ومتقارباً في منطقة نجد، وإن كنا كلما ابتعدنا عن أجواء المدن إلى القرى والبوادي كانت مساحة الفرح أكثر رحابة، فهم متفقون تقريباً فيما يخص الاستعدادات المبكرة التي تسبق العيد بعدة أشهر في اللباس مثلاً، والطعام، ومستلزمات الزينة للنساء على وجه الخصوص، والمحصورة في الغالب بالكحل والعطور والحناء و»عود الديرمان» الذي يجلب من فروع بعض الأشجار الصحراوية بديلاً عن أحمر الشفايف، وتستغني البدوية عن «عجينة المشاط» للشعر والمكونة من أوراق السدر والريحان. ويبقى العيد في القرية أو البادية هو الأجمل، حيث تعطل كل الأعمال لبضعة أيام، وبعد الفراغ من صلاة العيد وتناول الوجبات الجماعية في المنازل والساحات، وفي بيت الأكبر سناً بالنسبة للبادية، وهو مما تيسر ولا يتجاوز في الغالب اللحم والرز «المفطحات». يبدأ التواصل وزيارة كبار السن والمرضى، بعد ذلك تنطلق الاحتفالات والتعبير عن الفرح على مدى ثلاثة أيام متواصلة بالغناء والرقص والألعاب للكبار والصغار ومباريات الشعر، كما تنفرد القرى والبوادي بإقامة سباقات الخيل والإبل وسباقات أخرى للرجال في الركض وفي «المطارحة»، كما تقام تحديات في فن الرماية للرجال عند ما يوضع «نيشان»، على مسافة لا تقل عن 200 متر، ويبدأ التحدي على من يصيبه منهم. وبعد أن تنتهي صلاة العيد يقوم المصلون بالتصافح والسلام فيما بينهم الكبير والصغير، ويقوم كبير القرية من المسنين ويقول يالربع «القهوة والفطور، الله يحيي الجميع منكم» ويستجيبون لدعوته وتتجهون المنزله بالقرية ثم يقومون بإطلاق طلقات نارية بالهواء لتبيين الفرح وإظهار مظاهر الفرح ثم يتبادلون الحديث وينتاولون حلاوة العيد والقهوة والجدوع (التمر) ويديرون البخور بين الجالسين ثم يقومون على المفطحات التي يقدمها كبيرهم ويبدأ سباق الجري للشباب ويحصل الأول والثاني والثالث على جائزة مالية من كبير القرية. ثم ينتقلون للمنزل الآخر والثالث وهكذا حتى قبيل صلاة العصر. كلمات تقال عند أهل القرى: أنطح فالك: تقال لمن أتى متأخراً عن وجبة الإفطار أو الغداء الله هنئهم: يقول شخصا عندما يأتي والآخرين على الطعام. عساكم من عواد العيد النيشان: الهدف الذي يراد إصابته بالرمي الجدوع: التمر الذي يقدم للضيوف. المعصب: العقال. المرداء: قماش أسود تلبسه الناس أثناء صلاة العيد.