بإيمان خالص بقضاء الله وقدره فاضت روح عمِّي عامر إلى ربّه، في أطهر الشهور وأطهر الليالي وأطهر الأيام، وهو مبطون وهو مبتسم المحيا، ف والله لا تجتمع تلك الصفات في بشر إلاّ من أراد ربه به خيراً، رحل جسده الطاهر وبقيت لنا أعماله الخيّرة وكلماته الرنّانة ونصائحه التي تتجلّى فيها حب الخير للجميع، لم يقصده أحدٌ في أمر قط إلاّ وقد كان نعم المجيب ونعم الناصح ونعم المشير، ولا يعلم بحاجة أحد إلاّ ويبادر، فحزننا عليه حزن من فقد الأب الناصح والأخ الرشيد والصديق الوفي واليد الحانية والمربي العظيم. بكتك الأرامل واليتامى والثكالى يا عمّاه، بكاك مجلس العزاء بكامله بعد دخول أطفال يتامى كنت لهم أباً، بكاك من تسمّى باسمك، بكاك من صافحك، بكاك من عانقك، بكاك من لم يعرفك من طيب ذكرك. لم أعرف خليلاً له سوى الكرم، ولم أعرف حبيباً له سوى فعل الخير، ولم أعرف أنيساً له غير السؤال عن أحوال الناس، يقول الشاعر: هو البحر من أي النواحي أتيته فلجّته المعروف والجود ساحله كريم إذا ما جئت للعرفَ طالباً حباكَ بما تحوي عليه أنامله كان - رحمه الله - بحراً لا يظمأ وارده ولا يمنع بارده، غوثه موقوف على اللهيف، وعونه مبذول للضعيف، يطغى جوده على وجوده، وهمّته على قدرته، يهتز عند المكارم كالغصن، ويثبت عند الشدائد كالركن، كريم ملء لباسه، موفق مر أنفاسه، صدره تضيق عنه الدهناء، وتفزع إليه الدهماء، لا مكارم إلاّ ما صدر عن خلائقه، ولا مناجح إلاّ ما شيم من بوارقه، غمائم كرمه تفيض، ومآثر جوده تستفيض. رحمات ربي تتنزّل عليك ووسّع الله قبرك مد بصرك، كما وسعت على المسلمين وربطت على قلوبنا وقلوب أبنائك، فهم سائرون على دربك بحول الله وقوّته.