في موسم من مواسم الخير والروحانية الفضلى وفي أطهر بقاع الأرض، في رحاب مكةالمكرمة تستقبل المملكة هذه الأيام نخبة قادة الدول الإسلامية التي وجه لهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدعوة لحضور (مؤتمر قمة التضامن الإسلامي) رغبة في توثيق عرى التواصل، وتوحيد الكلمة، واستقطاب الآراء والفعاليات التي تسهم في وحدة الصف، والموقف والهدف، والإفادة من الرؤى الحكيمة، وتجديد الثقة التي بإمكانها الارتقاء بطموحات شعوب هذه البلدان، وتوجيه أعمالها إلى آفاق رائعة، ومستقبل مضيء واعد بالتألق الحضاري الأمثل، والعمل المخلص لتفادي المخاطر والسلبيات والكوارث التي تهدد العالم الإسلامي، والتحديات التي يتعرض لها، واستقطاب تفاقم الأحداث والخلافات التي تتسبب في تقويض كيانه، وبذل الإمكانات وتسخير الطاقات لمعالجة المشكلات والسلبيات المثيرة المؤثرة على أعضاء هذا الكيان الإسلامي. لقد ذكرتنا دعوة خادم الحرمين الشريفين لعقد قمة التضامن الإسلامي بما كان يضطلع به الملك فيصل بن عبد العزيز في إعلانه التاريخي المؤثر برفع راية (التضامن الإسلامي) قبل أكثر من خمسة وأربعين عاماً عندما استقطب عدداً من الدول الإسلامية ومعظمها من إفريقيا إلى رحاب التضامن مما كان له انعكاساته على آفاق العالم الإسلامي كله، وآثاره على العالم كله، ونتج عن ذلك توسع دائرة العالم الإسلامي، والفعاليات الإسلامية، وازدادت أعداد المسلمين، والحجاج والزوار الذين يفدون إلى مكةالمكرمة، والمدينة المنورة. ولم تكن هذه الدعوة الأولى لخادم الحرمين الشريفين التي تعلن لجمع الشتات في وطن الإيلاف والقمم، في رحاب مكةالمكرمة، وفي شهر رمضان المبارك لتؤلف بين قدسية الزمان، وقدسية المكان لاستقطاب المصداقية تحت أضواء الإيمان وروحانيته المشرقة بالفأل والأمل والارتقاء الذي يطمح إلى استشرافه كل مؤمن تتشوق نفسه إلى الارتقاء بمكانة الإسلام وأهله، ونزع الضغينة، والشحناء، وأشواك القلق والنزاع واجتثاث الخلاف والخصومة بين الفرقاء والمتنازعين. وفي مثل هذا الموعد قبل بضع سنوات كانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز باستقطاب زعماء القيادة الفلسطينية إلى التوجه إلى رحاب مكةالمكرمة لتبادل الرأي، والتوفيق بين المواقف ووجهات النظر، ومحاولة توحيد الكلمة للمصلحة المشتركة تحت مظلمة الروحانية الإيمانية وتجليات المصداقية الحكيمة بحضرة خادم الحرمين الشريفين الذي يحرص على لم الشمل ورأب الصرع وتوثيق عرى التلاحم والأخوة للارتقاء بالتعامل إلى مستوى الشفافية النابضة، والفعالية الواضحة التي تحول الجدل إلى حوار أمثل وتوافق نبيل، وفي عام 1431ه انتهز خادم الحرمين الشريفين هذا الموسم الروحاني الفضيل والمكان المقدس (مكةالمكرمة) ليوجه منها وفيهما دعوة إلى زعماء القيادة العراقية بهدف تقريب الرؤى، وتوثيق عرى الوشائج الأخوية، وتنقية أجوائها تحت مظلة المحبة والأخوة والانتماء، وتفادي السلبيات التي تؤدي إلى تفاقم المعاناة، وتوسع سبل الفرقة، والعمل بحزم وجدية لمواجهة التحديات المتربصة بالأمة العربية والإسلامية. وما أروع أن نستثمر هذه الفرص المثلى للتقارب، والتلاحم لما فيه الخير والارتقاء وتحقيق مصلحة الشعوب والأوطان إلى المستويات الحضارية المثلى، والآمال التي تعلقها على توجهات قياداتها، ونخب الريادة فيها. ولعلها أنسب فرصة لاستقبال دعوة التضامن والتفاؤل بها والتفاعل معها في رحاب الأمن والإيلاف والتضامن من (مكةالمكرمة) لنهتف معاً لهذا الحضور الأثير: حضور في الزمان، وفي المكان وعنوان لإيلاف الأمان وذاكرة لفلسفة التحدي ومفرزة لتاريخ الرهان رحابك قمة الطهر، التجلي وضوؤك في الحياة - الفرقدان ضممت الأنبياء، فكنت أمناً ومقبرة لبطش العنفوان هنا -يا مكة- ثقة وصدق وميثاق لعهدك بالضمان هنا البيت العتيق.. وكل ركن تدثر في قداسته اليدان تقبل صفحة الحجر المعلا وتمسح صفحة الحجر اليماني تضيء لك الرحاب بكل رحب وتمنحك الصفاء - المروتان هنا في (مكة) الإيمان يسمو وتشرق في سماحته: المعاني نعم هنا في مكةالمكرمة يسمو بنا الإيمان وتتجلى أضواء المصداقية، ومشاعر الحب والوفاء، وتتجدد نخب التعامل الأخلاقي النبيل في حضرة هذه الإشراقات الوجدانية الروحانية حيث تمتزج المشاعر بموحيات المشاعر المقدسة لترتقي نحو المستوى الحضاري الأمثل وسط تراكمات الأحداث المتفاقمة في مواقع جغرافية شتى من جسد العالم الإسلامي الذي وجهت له السهام من كل الجهات لتقويض كيانه، وتمزيق نسيجه، وتفريق شمله، وتشتيت إمكاناته، وتدبير طاقاته لزعزعة قواه تمهيداً لسقوطه، وضعفه وانهياره، ولكن وعي النابهين ويقظة الحكماء، وصحوة العقول، وتدبر العقلاء المخلصين بإذن الله سينتشل الأمة من كبوتها، ويجدد مسارها، وينهض بهمتها، ويسهم في توجهات قادتها والارتقاء بها إلى الأسمى والأفضل لدعم كل التوجهات الحضارية نحو آفاق الإشراق والطموح وتجاوز العقبات والمعوقات باتخاذ القرارات الحكيمة الواعية لمصلحة الأمة المتطلعة إلى الحلول الجذرية الطامحة. [email protected]