استأثرت مبادرة خادم الحرمين الشريفين بدعوته لعقد مؤتمر التضامن الإسلامي الاستثنائي بمكةالمكرمة باهتمام كل التونسيين بمختلف انتماءاتهم الفكرية الذين رأوا فيه أملاً جديدًا لرأب الصدع في جدار العلاقات بين الدول الإسلامية وتداول قادتها حول أمهات القضايا التي تؤرق الأمة الإسلامية. فقد عدّ المتابعون للشأن السياسي العربي الإسلامي أن هذا المؤتمر يأتي في الظرف المناسب لانعقاده باعتبار ما تعيشه بعض الشعوب الإسلامية من أزمات حقيقية تعوق نهضتها وتوسع الهوة بين أبناء الوطن الواحد. ويرى التونسيون أن جدول أعمال هذا المؤتمر الاستثنائي يتماشى مع وحدة الظرف الحالي ويستجيب لمتطلبات المرحلة الراهنة التي يهيمن عليها التوتر في أغلب الدول. ويعتقد أغلب التونسيين أن الأمل في تحقيق الوحدة الإسلامية لا يزال قائمًا طالما أن الرغبة في التضامن والتكافل لا تزال تهفو في القلوب وطالما أن قيادة المملكة، راعية هذه المؤتمر، حريصة على لم شمل المسلمين يحدوها حب المسلمين والسعي إلى تحقيق مصالحهم وحماية حقوقهم. والأكيد أن في اختيار شهر رمضان لعقد هذا المؤتمر وفي مكةالمكرمة بالذات له أكثر من دلالة، لأنَه يقيم الدليل على أن جلالة الملك إنما أراد أن تكون للقمة الإسلامية معاني روحية دينية خالصة حتَّى وإن كانت مخصصة لتدارس قضايا مصيرية اقتصادية وسياسية وأمنيَّة بالدرجة الأولى. ويتوق المواطن التونسي المهتم بالشأن العربي الإسلامي، إلى أن ينجح المؤتمر في دعم الصف الإسلامي وجمع شمل قادة الدول الإسلامية بما يضمن نشر التكافل والتضامن والتآزر بين الشعوب الإسلامية قاطبة. «الجزيرة» استقت لقرائها الكرام آراء بعض الديبلوماسيين والمتابعين للشأن السياسي وبعض المواطنين العاديين المتتبعين لأوضاع العالم العربي والإسلامي وقد أجمعوا كل من تحدثنا إليهم على تميز مبادرة خادم الحرمين الشريفين وعبَّروا عن أملهم الكبير في أن يتوفيق قادة الدول الإسلامية إلى إيجاد حلول لما يعانيه العالم الإسلامي من حروب ومظالم ومشكلات. جلالة الملك عوَّدنا بمبادراته الخيّرة لمِّ شمل المسلمين الدكتور صلاح الدين الجمالي ديبلوماسي وسفير تونس بالسعوديَّة ومندوب تونس لدى منظمة المؤتمر الإسلامي سابقًا: «أبارك الدعوة الكريمة التي توجه بها جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز لالتئام المؤتمر الإسلامي الاستثنائي في مكة. وشخصيًا، ويوافقني الرأي أغلب التونسيين، اعتبره موعدًا تاريخيًّا بكلِّ المقاييس للأمة الإسلامية لتدارس قضإياها المصيرية وتدارك الوضع المتردي الذي تعيشه بعض الدول الإسلامية. لا شكَّ أن هذه الدعوة تأتي في موعدها لدعم الشمل الإسلامي والبحث عن الحلول من داخل العالم الإسلامي واستبعاد كل تدخل أجنبي في شؤون الدول الإسلامية. والحقيقة أن جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله تعالى- قد عوَّدنا بمثل هذه المبادرات الخيّرة لدعم التضامن بين الدول الإسلامية والبحث عن حلول ملائمة للقضايا التي تعيشها الدول الإسلامية والبحث عن حلول ملائمة للقضايا التي تعيشها الدول الإسلامية. فلا يخفي على أحد أن العديد من الدول الإسلامية تعيش أوضاعًا داخليَّة غير مريحة ولتسهم هذه القمة في إخراجها إلى بر الأمان لخير الشعوب الإسلامية واستقرارها وأمنها. ولا شكَّ أن انعقاد مؤتمر التضامن الإسلامي الاستثنائي في رمضان سيكون له الأثر الإيجابي ويساعد القادة المسلمون على بذل كل الجهود لحماية شعوبهم من كل تدهور أو تدخل أجنبي وهو شهر التكافل الإسلامي الذي شهد عبر التاريخ مواعيد كبرى ساهمت في دعم المسيرة الإسلامية وتعزيز دور الأمة الإسلامية على الصعيد الاقتصادي والدولي. أما بخصوص الملف السوري، فلا شكَّ أن الأزمة السورية ستكون في صدارة جدول أعمال القمة اعتبارًا للتصعيد الخطير الذي يعانيه الشعب السوري الذي يعيش مواجهة دموية داخليَّة منذ أكثر من 16 شهرًا متتالية وكل يوم تزداد الخسائر البشرية والمادِّية. واعتبارًا للترابط الأمني بين دول المنطقة وموقع سوريا الإستراتيجي، فإن استمرار هذه الحرب الأهليَّة يشكل خطرًا حقيقيًّا على كافة المنطقة. وبالنظر إلى كل ما تقدم نأمل أن يجد هذا المؤتمر حلاً سياسيًّا لهذا البلد الشقيق وبالتالي حل أزمته وهذا الحل حسب رأيي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مواقف ومصالح كل الأطراف في سوريا ويحمي الشعب السوري من التدخلات الأجنبية وانعكاسات تجاذب مصالحها في المنطقة. قمة تتجاوب مع مقتضيات المرحلة الأستاذ صلاح الدين الجورشي إعلامي ومحلل سياسي: «أعتقد أن القمة التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين تتجاوب مع مقتضيات المرحلة الحالية التي تشهد حالات متزايدة من الاضطرابات والصراعات الحادة في المنطقة العربيَّة والإسلامية مما يستوجب الدعوة إلى مثل هذه اللقاءات لمحاولة امتصاص الأزمات التي تشق المنطقة وتهدد استقرارها، وذلك في اتجاه إعادة تنشيط آليات التضامن بين الدول الإسلامية. ومن هذا المنطلق، فإن هذا المؤتمر االذي تحتضنه مكةالمكرمة يرتجى أن يتجاوز الصراعات الهامشية والجوانب البروتوكولية وأن يركز بالخصوص على إعطاء الأولوية للتحدِّيات الحقيقية التي تواجه الجميع وأن بدا ذلك بنسب متفاوتة، لأنّ الأزمات الاقتصادية والاجتماعيَّة والسياسيَّة لا يمكن أن تبقي أي نظام بعيد عنها لأنّها بمثابة السرطان الذي إذا أصاب عضوًا من الجسم ولم نقم باستئصاله، فإنه سيكون قادرًا على الانتشار بسرعة في كامل مواقع الجسم. وفيما يتعلّق بالملف السوري الذي ستنظر فيه القمة الإسلامية الاستثنائية، فأرى أن الأزمة السورية دخلت مرحلة سيكون من الصعب التحكم في نتائجها وآلياتها. وأخشى أن يكون الوضع هناك قد انتقل إلى مرحلة اللا عودة وأصبح رهين الحسم العسكري لأنّ نظام دمشق قد وضع كامل رهاناته على الحل الأمني بشكل دفع البلاد تدريجيًّا نحو سيناريو الحرب الأهلية. كما أن دخول مجموعات غير سورية في العمل المسلح من شأنه أن يزيد من تعقيد الأوضاع والحيلولة دون أن يتمكن أي طرف من الأطراف من التحكم في كلِّ هذه المجموعات إضافة إلى الحسابات الدوليَّة التي لها أهدافها ومصالحها التي لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار إقليميًّا ودوليًّا. ولذلك أقول: إن الإمكانية الوحيدة لشق الطريق نحو معالجة سياسية تتمثِّل في حصول تغييرات داخل النظام السوري أي الانتقال إلى ترتيب الأوضاع لمرحلة ما بعد بشار الأسد وأمل أن تتوفق هذه القمة إلى إيجاد الحل لهذه الأزمة وإن كان من الصعب التحكم في معادلاتها الداخليَّة، ولذلك فإن أقصى ما يمكن أن يصدر عن هذه القمة بخصوص الملف السوري هو توجيه نداء عام لإيقاف العنف وتمكين الشعب السوري من حقه في الاختيار. مستبشرون بالمبادرة التاريخية لجلالة الملك ونأمل الكثير منها الأستاذ أحمد ونيس وزير خارجية وديبلوماسي سابق: «أولاً: أريد أن أعبر عن عميق استبشاري بمبادرة جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- بالدعوة إلى عقد المؤتمر في هذا الظرف بالذات الذي تعيشه الأمة الإسلامية بالرغم من الأمل العالي الذي خلقه الربيع العربي، فنحن نعيش اليوم ظروفًا استثنائيةً، حيث يعاني العالم الإسلامي من هموم قل أن تراكمت عليه مثلما تراكمت الآن. فلما ندقق النظر نجد أنه من أفغانستان إلى بورما إلى السودان إلى سوريا إلى مالي إلى القدس إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم كلّها ماسٍ وأزمات تعانيها الأمة الإسلامية في وقت تستغل فيه إسرائيل التشويش الحاصل في الظرف الحالي لتنفيذ مخططاتها الاستيطانية مما عمق جراح المسلمين. كما أن هناك خطرًا أشد من هذا ويتمثِّل في المعاداة بين الشيعة والسنة كما نلاحظه في العراق، وهو خطر داخلي يتفاقم يومًا بعد آخر في القوى المجتمعية الإسلامية نفسها. ومن المشكلات الأخرى التي يعاني منها العالم الإسلامي، أذكر تشديد العقوبات الدوليَّة المركزة أساسًا ضد الدول الإسلامية.... وهي مشكلات كبيرة تجعل من الصورة في العالم الإسلامي تكاد تكون يائسة.. كما تتطلَّع الأمة الإسلامية إلى مناقشة طلب السلطة الفلسطينية المتعلّق بالاعتراف بفلسطين كدولة كاملة السيادة، وهو ملف يستحقُّ الانكباب عليه وإعداده الإعداد الجيد، وبإمكان القمة الإسلامية الاستثنائية أن يكون منطلقًا لإنجاح مبادرة إطلاق دولة فلسطينية كاملة الصلاحيات. من جهة أخرى أعتقد أن هذه القمة هي مناسبة جيدة جدًا لفتح الكثير من الملفات العالقة على غرار العداء بين العراقيين والسوريين دون التشجيع على حل سلمي وطني مبني على الحوار بين الأطراف في هذين البلدين الإسلاميين. فبإمكان هذه القمة وبفضل حكمة خادم الحرمين الشريفين ورجاحة عقل جلالته، أن تسهم في الحفاظ على العلاقات بين أبناء الوطن العربي الإسلامي الواحد وأن تعمل على حقن الماء الإسلامية. ولأجل كل ما تقدم، وما لم نذكره لتشعب المشكلات التي يعاني منها العالم الإسلامي اليوم، أعد أن مبادرة جلالة الملك هي مبادرة تاريخية بأتم معنى الكلمة جاءت في وقتها المناسب وهي بحق قمة استثنائية بكلِّ المقاييس. وجدول أعمالها ثري بالمسائل المهمة وهي قمة ضرورية لها أبعاد قوية جدًا ستكون نقطة تحوَّل بإذن الله في تاريخ الأمة الإسلامية». دعوة ريادية ومميزة لملك دخل قلوب كل المسلمين أحمد بن مفتاح العلوي طالب جامعي وناشط في المجتمع المدني: «أن ما تعيشه الشعوب الإسلامية في مختلف جهات العالم من مظالم وقهر ومشكلات متعددة يدعونا إلى التعجيل بعقد مثل هذه المؤتمرات التي تسمح بالتقاء القادة المسلمين وأولي الأمر فينا للتباحث قصد إيجاد مخرج لكل هذه المتاعب التي يذهب ضحيتها الآلاف كل عام دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكنًا لإيقاف نزيف الدماء. إن دعوة خادم الحرمين الشريفين لعقد مؤتمر التضامن عدّها ريادية ومميَّزة لأنّ جلالته وكأنه دخل قلوب المسلمين وقرأ أوجاعهم واستجاب لدعواتهم المخفية. فكل مسلم يشعر بالغبن تجاه عدم تمكنه من نصرة اخوانه في مختلف أصقاع العالم... نحن كمسلمين نعيش تهديدًا حقيقيًّا في ذواتنا وفي ذرياتنا وفي مصالحنا عامة... وجلالة الملك وكأنه يعيش مع كل مسلم صادق يعرف رغباته ويعلم أمنياته حتَّى المخفية منها... ويسبقه إلى تحقيقها... إن الأمل معقود على القادة المسلمين ليجدوا الحلول المناسبة للمشكلات المتراكمة وأولها ما يتعرض له الشعبان الفلسطيني والسوري...فالقضية واحدة وإن اختلف العدو... سوف انتظر بكلِّ لهفة توصيات هذا المؤتمر وقراراته حتَّى يمكننا أن نعود إلى الصدارة في هذا العالم المجنون والمتجني على الإسلام والمسلمين». أتمنىَّ أن يفضي المؤتمر إلى تنحية الأسد نورة الدلالي موظفة وصاحبة مشروع: «الحقيقة أنني لست ملمة بكلِّ تفاصيل المؤتمر الذي ينعقد بدعوة سامية من العاهل السعودي، ولكني استطيع القول: إنه من واجب رؤسائنا اليوم التطرَّق إلى كافة المسائل الحارقة وأهمها ما يعانيه الشعب السوري الشقيق من عدوان داخلي أسفر عن سقوط عشرات الآلاف من الأرواح البشرية، حيث وصل الأمر إلى حرب أهليَّة بأتم معنى الكلمة... وكل ما استطاع القادة المسلمون والعرب فعله هو التنديد بنظام الظالم بشار الأسد وسحب السفراء. والحال أن الوضع يستوجب هبَّة للشعوب الإسلامية قاطبة من أجل حقن الماء من جهة وعزل القائد الجائر من جهة أخرى... فالحل هو تنحي أو تنحية الأسد من الحكم وليس هناك حل آخر مهما تعددت القراءات والتحليلات. وأرى أن مؤتمر التضامن هذا من شأنه أن يعري بعض الحقائق المؤلمة لمعاناة شعوب فقيرة تحتاج إلى وقوف الدول الإسلامية الغنية إلى جانبها دون التدخل في شؤونها... أي إعانات وليس استعمارًا جديدًا.. وأنا على يقين من أن المؤتمر سيحقق سابقة في تاريخ المسلمين من حيث اللغة التي سيتخاطب بها المؤتمرون التي ستكون على درجة عالية من الصراحة والشفافية لأنّ الأوضاع لا تحتمل اللغة الخشبية ولا كما نقول هنا في تونس: «تغطية الشمس بالغربال». وعمومًا شهر رمضان الكريم هو شهر التضامن بامتياز ودعوة العاهل السعودي جاءت في وقتها من حيث التاريخ الشهري ومن حيث الظروف المحيطة بنا... وأنا لي أمل كبير في نتائج هذه القمة الإسلامية التي أتمنىَّ ألا تخيب آمال الملايين من المسلمين». الأمة الإسلامية في أمس الحاجة لهذا المؤتمر آمنة حمدي الفضلاوي إطار بمؤسسة خاصة: «الحمدلله أن جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين لتلم شتات المسلمين وتحنن قلوبهم على بعضهم البعض. نعم لقد استبشرنا كثيرًا بالدعوة السامية لجلالة الملك لعقد المؤتمر التضامني الإسلامي الذي تشعر الأمة الإسلامية اليوم أنها في أمس الحاجة إليه باعتبار أنه سيكشف حقائق غائبة عن جلّ القادة العرب والمسلمين. ما نراه اليوم من ظلم وتجن على المسلمين في كامل جهات المعمورة تدمى له القلوب. فالمسلم يتعرض اليوم إلى أبشع المظالِمَ لا لشيء سوى لأنّه مسلم وبعض المجتمعات خاصة الغربية منها تُعدُّ كل مسلم هو مشروع إرهابي.. هذا الخلط أساء إلى المسلمين جميعًا ولم تفلح محاولاتهم لدرء الشبهات طالما أن الصورة التي يسوقها الغرب هي ذاتها. والأمل معقود على القادة المسلمين وكافة المشاركين في أعمال هذا المؤتمر ليتكلَّموا لغة واقعية ويبتعدوا عن الخطب العصماء ويكونوا في مستوى الدعوة الكريمة لخادم الحرمين الشريفين ويفتحوا الملفات ويشعروا بما يعانيه المسلمون من مظالم... إن الحل بأيدينا نحن المسلمين فلن يغيّر الغرب نظرته إلينا ما لم نغيّر نحن واقعنا وأفكارنا وتصرَّفاتنا... ولكن على قادتنا أيضًا وخصوصًا قادة الدول الغنية مد يد المساعدة إلى الشعوب الضعيفة لتتمكن من العيش الكريم. والتضامن بالنسبة لي يعني أيضًا التضامن مع شعوبنا التي تعاني عدوانا داخليًّا أو خارجيًّا كسوريا وفلسطين والسودان وبورما وغيرها. ولقد حان الوقت للإصداع بالقول الحق على إسرائيل تحرير الأراضي الفلسطينية وكف أذاها عن الشعب الفلسطيني وعلى بشار الأسد ترك سدة الحكم لحكومة انتقالية يختارها الشعب طالما أصبح هو غير مرغوب فيه... أتمنىَّ أن تفضي أعمال هذا المؤتمر التاريخي إلى توصيات عملية وناجعة يتم تفعيلها حال صدورها حتى لا تظل حبرًا على ورق».