عذرًا أعزائي القراء، فهذه المرة الثالثة التي أكتب فيها عن هذا الموضوع، حيث سبق أن كتبت فيه العام الماضي وقبل الماضي. وبحكم أن الموضوع لم يتم معالجته حتَّى الآن من قبل وزارة الشؤون الإسلامية ولا من قبل وزارة المياه والكهرباء (ممثلة بشركة الكهرباء) على الرغم من أهميته، لذا حرصت على طرحه مرة أخرى. ينمو استهلاك الكهرباء في المملكة سنويًّا بحوالي 11 في المئة وتُعدُّ تلك النسبة أكبر بكثير من متوسط النمو العالمي في استهلاك الكهرباء الذي يقدر بحدود 3-4 في المئة، إضافة لذلك تعاني الكثير من المناطق والمحافظات من انقطاعات متكررة في الكهرباء بسبب ارتفاع أحمال الكهرباء، إضافة لذلك تتكبد خزينة الدَّولة آلاف المليارات من الريالات كدعم لشركة الكهرباء، وفي ضوء تلك المعلومات المهمة، نجد أن كل من وزارتي الشؤون الإسلامية ووزارة المياه والكهرباء يسيران سير السلحفاة في مواجهة مشكلة الهدر والتبذير في استخدام الكهرباء في حوالي ثلاثين ألف مسجد وجامع منتشرة في مناطق ومحافظات المملكة. في العام قبل الماضي (2010م) قام إمام جامع الفاروق بحي العريجاء بالرياض والقائمون على المسجد بوضع حاجز زجاجي يفصل الصفوف الأمامية من المسجد عن بقية صفوف المسجد، وأدى ذلك إلى اكتفاء المسجد بتشغيل (8) مكيفات بدلاً من سبع وعشرين (27) مكيفًا وذلك لكافة الأيام ماعدا (في صلاة الجمعة)، حيث يتم فتح الجدار الزجاجي وتشغيل كافة المكيفات نظرًا لامتلاء المسجد بالمصلين في صلاة الجمعة، وقد أدى هذا التصرف الحضاري إلى تحقيق ترشيد ما نسبته (68 في المئة) من استخدام الطاقة الكهربائية بالمسجد. عندما كتبت مقالاً قبل سنتين (11-10-1431) بعنوان (جامع الفاروق مثال يحتذى به) طالبت فيه بتشكيل لجنة من وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة المياه والكهرباء والشركة السعوديَّة للكهرباء تقوم بمسح كافة المساجد في كافة المناطق ومن ثمَّ تطبيق تجربة الجدار الزجاجي المتحرك، ولكن للأسف لم نر تحركًا فاعلاً من تلك الأجهزة الحكوميّة على الرغم من الهدر المالي الذي يسببه هذا السلوك غير المتحضر في هدر استخدام الطاقة الكهربائية في المساجد. وبتاريخ (18-7-1432) كتبت مقالاً آخر بعنوان (تكييف المساجد هدر للمال العام)، وتساءلت عن السبب الذي يجعل هاتين الوزارتين لا تتفاعلان مع مثل تلك القضية الجوهرية وما يتبعها من هدر للمال العام، وخصوصًا أن معالي وزير الكهرباء والمياه قد صرح بأن نسبة الهدر الكهربائي في جوامع المملكة يصل إلى نحو 70 في المئة، ولذا كررت مطالبتي بتشكيل لجنة من الوزارتين ومعالجة الموضوع بأسرع وقت. مع بداية هذا الشهر الفضيل ومع تكرار الانقطاعات الكهربائية عن عدد من أحياء الرياض وغيرها من مدن المملكة، قمت بجولة على عدد كبير من مساجد وجوامع مدينة الرياض، ووجدت الأمر لم يتغير فلم يوضع جدار زجاجي في تلك المساجد، وقد تم تشغيل جميع المكيفات في تلك المساجد، مما يعني استمرار عدم الترشيد في استخدام الطاقة واستمرار هدر الأموال العامَّة في ظلِّ سلبية غير مبررة من قبل وزارة الكهرباء ووزارة الشؤون الإسلامية. فإلى متى.!!!! ما دفعني اليوم للكتابة عن هذا الموضوع ولثالث مرة ذلك التصريح الذي أدلى به سعادة وكيل وزارة الشؤون الإسلامية للشؤون الإدارية والفنية الذي قال فيه: إن الوزارة تقوم بوضع الخطط التي ترمي إلى ترشيد الكهرباء في المساجد موضحًا بأن الوزارة قد قامت بتركيب فواصل زجاجية في عدد كبير من المساجد. وما دفعني للكتابة مرة أخرى عن هذا الموضوع ذلك البيان الذي صدر مؤخرًا عن شركة الكهرباء الذي تعتذر فيه الشركة للمساهمين عن كثر الانقطاعات، وتؤكد فيه الشركة بأن إحدى أهم أسباب تلك الانقطاعات هو ارتفاع الطلب على الكهرباء بنسبة عالية، فكيف تتجاهل الشركة أحد المسببات الرئيسة لتلك الزيادة في ظلِّ تجاهل لهدر غير مبرر في استهلاك الكهرباء في ثلاثين ألف مسجد دون معالجة. كنّا نتوقع بعد كل تلك السنوات من الهدر في استهلاك الكهرباء وبعد مطالبات الكثير بمعالجة الموضوع أن تخرج علينا وزارتا الكهرباء والإسلامية ببيان يوضح انتهاء المشكلة تمامًا وإدخال الحاجز الزجاجي في جميع المساجد دون استثناء. ختامًا، أؤكّد بأن تكلفة تركيب حواجز زجاجية في جميع مساجد المملكة يقل وبكثير عن هدر الأموال العامَّة الناتجة عن الاسراف في استخدام الكهرباء في المساجد خلال عام واحد فقط، ولذا، فإنني أرفع من خلال هذه الزاوية للمقام السامي الكريم مقترحًا بتشكيل لجنة من وزارة المالية ووزارة الكهرباء ووزارة الشؤون الإسلامية تقوم بدراسة الموضوع خاصة فيما يتعلّق بجانب الهدر والتكلفة المالية، وعلى أن توصي اللجنة بالانتهاء من تركيب الحواجز الزجاجية في جميع المساجد والجوامع الكبيرة خلال ستة أشهر بالكثير، وأن تعمل تلك الأجهزة على تنفيذ ذلك. [email protected]