فاصلة: ((وافطن لصرف الدهر والعجائب.. فإنه لا علم كالتجارب)) - شعر عربي - لم أجرّب طوال عمري نهاراً طويلاً كنهار مانشستر في رمضان ولا ليلاً أقصر من ليلها. كان والدي لا يصوم رمضان إلا في السعودية وتعودت أن أفعل مثله فلم أجرّب رمضان خارج بلدي إلا حين صرت مبتعثة. في مانشستر ذات الجو البارد حتى في صيفها يمكن أن تصوم 18 ساعة فلا تشعر بالجوع والعطش كثيراَ إنما قصر ليلها لا يمنح الفرصة للعمل والعبادة كما نستلذ بها في بلادنا. فمجرد أن تقام صلاة العشاء والتروايح لا يبقى إلا أقل من ثلاث ساعات ليبدأ الإمساك للصيام لليوم التالي. البعض يعتقدون أن الصيام في الغرب تضيع فيه الروحانية لكني أرى أن الروحانية تنبع من ذواتنا وليس من الأمكنة خاصة في زمن الفضائيات؛ حيث يمكن للإنسان أن يعيد جدولة وقته ليناسب رمضان وكل ما يمكن أن يستثمره الانسان في هذا الشهر الكريم. يجيء رمضان عادة في شهر أغسطس، وفي هذا تسهيل على الطلاب فهذا هو شهر الإجازات في المدارس والجامعات.. صيام رمضان في النهار الطويل في مانشستر لا يشبه نهارات الرياض القصيرة والتي تركض عقارب الساعة فيها. هنا الوقت بطيء لكن المسئوليات أكثر فلا سائق يجلب الأغراض للمنزل ولا خادمة تساعد في تدبير شئون المنزل، ولا أهل يستبقون أطفالنا الصغار أنت في الغربة في مواجهة مسئولياتك سواء كنت عازباً او متزوجاَ. العزّاب من المبتعثين والمبتعاث يضعهم رمضان في مواجهة مع تدبير مائدة الإفطار وهي معاناة بلا شك رغم توفر المطاعم العربية في مانشستر الا أنهم بالتأكيد يشتاقون إلى مائدة إفطار أهلهم ولذلك يعود الكثير من الطلاب والطالبات إلى السعودية في رمضان. أما الذين يعيشون وسط أسرهم فالمعاناة تبدو أقل في مسألة مائدة الإفطار لكنني انتبهت إلى أن أطفالنا الصغار لا يعرفون شيئا عن رمضان ما لم نتحدث بفضله وأهميته لهم. والجميل في حديثنا للصغار عن رمضان أنهم يقبلون على المعلومات بدهشة وتشوّق لمعرفة كل شيء عن رمضان. رمضان ليس فقط ماذا نأكل، إنه نظام حياة متكامل وفرصة لصنع تغيير حقيقي في حياتنا. عندما تصوم رمضان بعيداً عن الأهل والوطن فإنك تعيش تجربة مختلفة ممتزجة بالحنين والاستقلالية والدهشة. [email protected]