عندما أُُنشئت وزارة الإسكان استبشرنا خيراً، وخصوصاً بعد أن رأينا ورش العمل متواصلة لإنهاء إستراتيجية الإسكان، والتي تُعتبر هي المفتاح لهذه الأزمة. ومما زاد من سعادتنا أن قامت وزارة الإسكان بالإعلان عن تاريخ إقرار الإستراتيجية والذي كان من المفترض أن يكون في جمادى الأولى من هذا العام، ثم تم تعديله الى رجب، وعندما وصل الموعد، إذا بالوزارة، وبعد حماس منقطع النظير نحو إقرار وتطبيق الإستراتيجية في الوقت المحدد، تفاجئنا عبر موقعها الإلكتروني وبدون مقدمات، برسالة صغيرة لا تتجاوز أربعة أسطر نصها: «نحن الآن بصدد إعداد الإستراتيجية.. ولكن التحدي الأكبر هو الانتقال من إعداد الإستراتيجية إلى تنفيذها.. ولذلك اتفقت الوزارة مع المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (جي آي زد) - وقبل اعتماد الإستراتيجية - على البدء في تنفيذ البرامج المنتقاة ذات الأولوية». الواضح من الرسالة بأنه سيتم تأجيل إقرار الإستراتيجية الى أجل غير مسمى، وبمعنى آخر، تأجيل حل أزمة الأسكان الى أجل غير مسمى.. لقد كانت هذه الرسالة كافية لتخيّب كل الآمال، وذلك لعدة أسباب، منها: أولاً: الإستراتيجية وضَعت حلولاً كفيلة بحل الأزمة في وقت قياسي، إذا ما فُعلّت وتم تطبيقها، وكل يوم تتأخر الوزارة في إقرارها وتطبيقها يزيد الأزمة تعقيداً.. ثانياً، البرامج التي سيتم تنفيذها ذات الأولوية، كما تسميها الوزارة في رسالتها، تختلف عن الأولويات المذكورة في الإستراتيجية.. فهناك برامج لها أولوية أكبر ولا يمكن تطبيق غيرها من برامج إلا بعد تطبيقها؛ مثال على ذلك: ذكرت الوزارة في رسالتها أن من البرامج المنتقاة ذات الأولوية، تمكين القطاع الخاص، بينما ذكرت الإستراتيجية بأنه لا يمكن تمكين القطاع الخاص بدون حل مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي وزيادة المعروض من الأراضي. ذكرت الإستراتيجية أن المشكلة الرئيسية وسبب الأزمة هو ارتفاع أسعار الأراضي مما جعل من الصعوبة أن يتمكن القطاع الخاص من توفير مسكن بسعر مناسب، واقترحت الإستراتيجية أن يكون الحل في زيادة المعروض من الأراضي عن طريق التسجيل العيني، وكسر الاحتكار ومنع المضاربات وفرض رسوم على الأراضي المطورة وغير المطورة، ونزع الملكيات للصالح العام، استرداد المنح وممارسة حق الشفعة في شراء الأراضي، مما سيؤدي الى زيادة المعروض من الأراضي ومن ثم تخفيض أسعارها، وبالتالي تمكين القطاع الخاص من توفير مسكن بسعر مناسب.. ولقد تمنيت لو أن الوزارة أضافت لهذه الحلول، شراء أراضي المساهمات المتعثرة التي تعلن عنها وزارة التجارة بعد عمل تقييم عادل لها. هذه هي الحلول والبرامج التي يجب تطبيقها أولاً لتمكين القطاع الخاص وحل أزمة الإسكان، وأي خلط في ترتيب الأولويات ستكون نتائجه وخيمة.. لذا يجب أن تعيد الوزارة ترتيب أولوياتها وأن تستشعر أهمية الوقت في إدارة هذه الأزمة. ما فعلته الوزارة إلى اليوم لم يقدم أي حلول لأزمة السكن، وكل ما فعلته هو محاولة بناء عدد متواضع من الفلل لن يساعد في حل المشكلة، والأمل الوحيد هو إقرار وتطبيق الإستراتيجية قبل نهاية العام، وإلا فإن الأزمة لن تُحل، ويجب إعادة النظر في كيفية إدارة الوزارة لهذه الأزمة. @BawardiK