تؤثِّر أنشطة بنوك الأوفشور (المراكز المصرفية الخارجيّة) على اقتصاديات الدول النامية ومنها مصر. وأكّدت دراسة أعدّها قطاع البحوث بالبنك الأهلي المصري، عن المراكز المصرفية الدولية أن هذه المراكز تؤدي إلى هروب رؤوس الأموال الوطنيّة إلى الخارج سواء من جانب الشركات أو الأفراد بهدف الحصول على فائدة، أو تجنب دفع الضرائب، أو الخوف من المصادرة إذا تحققت هذه الأموال من مصادرة غير مشروعة أو مشتبه فيها من جانب السلطات المحليّة. وحددت الدراسة أهم الآثار السلبية لهروب رؤوس الأموال للخارج في انخفاض قيمة العملة الوطنيّة في مواجهة العملات الأجنبية نظرًا لزيادة المعروض من العملات الوطنيّة، وانخفاض حجم الاستثمارات نتيجة لهروب رؤوس الأموال إلى الخارج وبالتالي انخفاض عدد المشروعات وانخفاض فرص التوظيف المتاحة في سوق العمل مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بالإضافة إلى ارتفاع العجز في ميزان المدفوعات نتيجة زيادة العجز في حساب التحويلات الرأسمالية وارتفاع حجم الديون الخارجيّة وتزايد عبء سداد هذه الديون، واتساع نطاق الأنشطة الاقتصادية الخفية وزيادة الفجوة بين الدخل الحقيقي والدخل الرسمي. وتوضح الدراسة أن الإيرادات الضريبية تفقد نحو 255مليار دولار سنويًّا نتيجة لعمليات التهرب الضريبي عن طريق المراكز المصرفية الخارجيّة، وهناك ما بين 5 إلى 7 تريلا دولار بنسبة تتراوح بين 6 إلى 8 في المئة من إجمالي الاستثمارات الدولية تتم عبّر هذه المراكز وخارج نطاق رقابة السلطات المحليّة. وتشير إحصائيات مؤسسة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن إجمالي استثمارات المراكز المصرفية الخارجيّة على مستوى العالم تقدّر بنحو 7.3 تريليون دولار، بلغ إجمالي استثمارات المراكز المصرفية الخارجيّة في سويسرا نحو تريليوني دولار بما نسبته 27.4 في المئة من إجمالي استثمارات المراكز المصرفية الخارجيّة على مستوى العالم، وفي بريطانيا ودبلن بلغت الاستثمارات 1.7 تريليون دولار بنسبة 23.4 في المئة ولوكسمبورج بلغ تريليون دولار بنسبة 13.8 في المئة وفي منطقة الكاريبي وبنما 0.9 تريليون دولار بنسبة 12.4 في المئة، وفي ميامي ونيويورك بلغت استثمارات هذه المراكز 0.5 تريليون دولار، بنسبة 7 في المئة ونفس القيمة والنسبة في سنغافورة، وفي هونج كونج نحو 0.2 تريليون دولار بنسبة 3 في المئة، والنسب المتبقية في مناطق أخرى من العالم. وقدَّرت منظمة الشفافية الدولية عدد المراكز المصرفية الضريبية بنحو 50 منطقة حول العالم تستحوذ على نحو 10 تريليون دولار من الأصول المالية، وهو يعادل 4 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا، وتضم أكثر من 400 مؤسسة مصرفية ونحو ثلثي صناديق الاستثمار ونحو مليوني شركة عبر العالم. ووفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي فنحو 40 دولة من الدول التي تسمح بوجود المراكز المصرفية الخارجيّة تستحوذ على أصول تقدّر بنحو 5 تريليون دولار عام 2009م، ويتم غسل ما بين 0.6 - 1.5 تريليون دولار من الأموال غير المشروعة في البنوك الخارجيّة سنويًا، أي ما يعادل 2 - 5 في المئة من الناتج المحلي العالمي، وتقدّر الأموال المحصلة عن تجارة المخدرات عبر العالم التي يتم غسلها في البنوك بنحو 500 مليار دولار سنويًا، أي ما يزيد عن مجموع دخول دول العالم الأكثر فقرًا.