قال الباحث الفلكي ملهم هندي إنّ توهُّم رؤية الأهلّة هو أحد معضلات إثبات الأهلّة لدينا منذ فترة طويلة، حيث يخرج علماء الفلك وينفون إمكانية رؤية الهلال في يوم معيّن ونفاجأ بورود شهادة إثبات رؤية، ويدخل على إثرها شهر صيام أو فطر, مما يوقع الناس في لغط بين اعتماد الحساب أو الاكتفاء بالرؤية، ويثير جدالاً ونقاشات بين علماء الفلك وعلماء الشريعة مسبوقة النتائج، وتختلف فيها التفسيرات والتأويلات للأحاديث النبوية التي جاءت بهذا الخصوص, وأوضح هندي في تصريح للجزيرة بأنّ الشرعيين يرون أنّ الأمر كله متروك للرؤية للحديث الشريف (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، وينظر علماء الفلك بوجوب اعتماد الحسابات الفلكية الدقيقة لولادة الهلال ومدة المكوث وغيرها من الاعتبارات الفلكية, ولكن شدّة نقطة الخلاف هي شهادة رؤية هلال غير موجود, رغم أنّ الشاهد ذو صلاح وذو رأي ومتوافق شرعياً للإدلاء بشهادته, فتتم رؤية الهلال بعد مغيب الشمس وبناءً على القاعدة الشرعية التي تنص بوجوب قبول الشهادة يعلن الشهر دخوله، دون الأخذ بالحسابات التي تؤكد استحالة رؤيته وغروب القمر قبل الشمس, فهنا ندخل موضوع توهُّم الأهلة التي تؤثر فيها عاملان، عامل قديم وهو الكدر الطبيعي من غبار وغيوم، وعامل جديد وهو الكدر الصناعي نتيجة الأدخنة والغازات والتلوّث الضوئي وكثرة الأجهزة الطائرة من وسائل مواصلات وغيرها, وهنا يدخل العامة من لا يعلم مواقيت ومواقع الأجرام في توهُّم وتتشابه عليه الأمور, وما جاء في الأثر عن أنس بن مالك رضي الله عنه حين خرج مع مجموعة من الناس للاستهلال، وقد كان أنس قارب المائة فقال أنس: قد رأيته هو ذاك وجعل يشير إليه فلا يرونه, وكان إياس القاضي حاضراً فنظر إلى أنس وإذا شعرة بيضاء من حاجبه قد تدلّت فوق عينه فمسحها وسوّاها بحاجبه، ثم قال انظر أبا حمزة فجعل ينظر ويقول: لا أراه , وخلال معاصرتي للأرصاد شهدت أكثر من 4 حالات يتوهّم فيها الهلال رغم أنه في غير زمانه وموضعه وربما الصورة المرفقة نموذج من توهُّم الهلال، والتي التقطت يوم 28 من شهر ذي الحجة من عام 1430ه من داخل جامعة الملك عبد العزيز للأفق الغربي لمدينة جدة، حيث بدا للبعض وجود الهلال بغير مكانه ولا زمانه، فأخذت له صورة ريثما يتم تجهيز التلسكوبات للتأكد من ماهية، وما هي إلاّ ساعة حتى تبيّن لنا أنها غيمة صغيرة جعلت منها إضاءة الشمس وتشكليها بشكل هلال للتوهُّم به.